مفهوم الإحسان إلى الوالدين
فضل الإحسان إلى الوالدين
جزاء عقوق الوالدين
جاء الإسلام بمفاهيم ثابته لها أسس لا جدال فيه ومنها البر والإحسان إلى الوالدين وحذر الإسلام من عقوق الوالدين.
الإحسان
الإحسان في الإسلام هو أن يتصرَّف الإنسان في حياته شاعرًا بمراقبة الله له،
فيقوم بما يُرضي الله -سبحانه وتعالى- يتجنّب كلَّ ما يغصب الله تعالى،
وقد عرَّف رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الإحسان لجبريل -عليه السَّلام- قائلًا:
“أن تعبُدَ اللهَ كأنَّك ترَاه، فإنْ لَم تكنْ ترَاه فإنَّه يرَاك” 1)، أي أنْ يتذكّر الإنسان مراقبة الله تعالى له،
والإحسان أيضًا يكون مع الناس في معاملتهم وذكرهم ونصحهم وتعليمهم،
فمن أمِنَ الناس جانبَه ولسانه فهو من المحسنين، وهذا المقال سيتناول مفهوم الإحسان إلى الوالدين في الإسلام بوصفه نوعًا من أنواع الإحسان، وسيسلط الضوء على فضل الإحسان إلى الوالدين. 2)
مفهوم الإحسان إلى الوالدين
يتجسّد مفهوم الإحسان إلى الوالدين في الإسلام ويتمثَّل خير تمثيل في البرِّ والطاعة فيما يُرضي الله، وهذا ما أمَرَ به الشّرع في الكتاب والسنّة الشريفة، قال تعالى في سورة الإسراء: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا” 3)، ومن هذه الآية الشريفة يمكن القول بداية إنَّ مفهوم الإحسان إلى الوالدين يتضمن الأقوال والأفعال والحركات والسكنات، فالآية تفصل في الإحسان على أنَّه العناية بالوالدين عند الكبر، فلا يحصل أن ينهرَهما الإنسان أو يقول لهما أي قولٍ مؤذٍ أو جارح أو ما شابهه، بل يجب عليه أن يلتمس كلَّ قول كريم لطيف في حضورهما، وهذه إحدى صور الإحسان للوالدين، ويكون الإحسان للوالدين أيضًا بالإنفاق عليهما وعدم جعلهما في حاجة أي إنسان، فمن الواجب على المرء أن ينفق على أبويه، أن يسكنهما ويطعمهما ويكسوهما، إنَّما هذا تنفيذًا وامتثالًا لأمر الله -جلَّ وعلا- في قوله: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا” 4)، وجدير بالذكر إنَّ الإحسان إلى الوالدين وفاءٌ للدين الذي وضعاه في عاتق الابن، فقد ربوا وتعبوا وسهروا حتَّى شبَّ وكبر وأصبح من حقهم عليه أن يحسن إليهما بكلِّ صور الإحسان المتاحة في هذا الدين، والله أعلم. 5)
فضل الإحسان إلى الوالدين
لا يختلف عاقلان على أنَّ برَّ الوالدين والإحسان إليهما من أعظم الأعمال التي يمكن أن يؤدّيها الإنسان في حياته، فهو من الأعمال التي تقبلها الفطرة الإنسانية السليمة، قبل أن يكون عملًا عظيمًا في الإسلام، وقد جعل الله تعالى ثوابًا عظيمًا لمن أحسن لوالديه ومن كان بارًّا بهما، وهذا ما دلَّت عليه النصوص الإسلامية في كتاب الله العزيز وسنة رسوله، ومن أبرز ما جاء من نصوص تبين فضل الإحسان إلى الوالدين في الإسلام: 6)
- قال تعالى في سورة لقمان: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”. 7)
- وروى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:
“سَأَلْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلَاةُ علَى وقْتِهَا، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوَالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي”. 8)
- وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله قال: “رِضا اللَّهِ في رِضا الوالِدَينِ، وسَخَطُ اللَّهِ في سَخَطِ الوالدينِ”. 9)