حضارات

العلا حضارة الجزيرة العربية

على مر العصور كانت مدينة العلا التاريخية محضن الحضارات العربية في شبة الجزيرة العربية، وعلى مر السنون والعالم من حولنا يرسل من يكتشف من المكتشفين والمنقبين عن الحضارات والمفتشين، ليكتشفوا حضارات العالم والأهم بينها شبة جزيرة العرب وفيها حضارات غاورة كانت أوسعها ومحتضنها الأصلي هي مدينة العلا الحضارية التاريخية الغابرة، وتكبد هؤلاء المستكشفين عناء السفر لمسافات بعيدة وسحيقة ووعرة حيث عبروا المحيطات ليأتوا ليكتشفوا التراث القديم القابع في مدينة الحضارات التاريخية مدينة العلا، ووصفوها بمرآة الحضارات القديمة في العالم، حيث كانت فيها حضارات 300 ما قبل الميلاد لقوم صالح ومن أتى من بعدهم من الحضارات.

وحتى يومنا الحاضر فإن العلماء ما زالوا يتقصون الآثار وينقبون في مدينة العلا الحضارية التاريخية بحثاً عن الحضارات الموغرة في أرض الحضارات العلا، ومازالت أسرار الحضارات القديمة مستعصية أمام علماء التنقيب عن الآثار والحضارات، في مدينة العلا ومجهول مصير كثير من الحضارات حيث ما زالوا يبحثون عن الآثار القديمة القابعة في مدينة العلا.

العلا هي مدينة تابعة لمنطقة المدينة المنورة وهي تبعد 300 كلم جنوب المدينة المنورة ” طيبة ” ومساحتها الطولية تصل إلى ما يقارب الـ 25 كلم وعرضها بين الـ 3 – 5 كلم وهي مدينة شرق البحر الأحمر حيث الجبال فيها والصحاري، وتحتوي مدينة العلا على عدة عيون تنبع فيها وهي جوفية عذبة.

الزوار الذين يزورون هذه المدينة لا يتعدون أن يمروا على المكان الأشهر فيها والأثري القديم إلى 300 قبل الميلاد حيث هناك البيوت والمقابر منحوته في الجبال، وهذا من عمل قوم ثمود وهم أصحاب صالح عليه السلام نبي الله، المسماه بـ ” مدائن صالح ” وأيضاً هناك أماكن أثرية كثيرة غيره منها “الخريبة” و “جبل عكمة” و ” البلدة التراثية ” و ” جبل الفيل ” 

وهناك فرص كبيرة واعدة لهذه المدينة في شمال غرب المملكة للشباب والفتيات، حيث سيوفر لها مشروع تنمية سياحية ضخم ما يصل العدد فيه إلى 4200 وظيفة، ناهيك عن بناء ما يقارب من 1878 غرفة فندقية، ويتوقع أن يصل حجم الإستثمار فيها بحلول عام 2020 إلى 4،6 مليار ريال، وسوف تستقطب السياح بعدد 400 ألف سائح سنوياً.

وعرفت “العلا” قبل الإسلام باسم (دادان) وورد ذلك في كتب الأشوريين، والكتب العربية القديمة حسبما ذكر أحد أبناء العلا المهتمين بالتاريخ إنها عرفت كذلك بمسمى “وادي القرى” لكن اسمها ارتبط عند العامة بإرث حضارة الأنباط الذين بنوا مدائن صالح على بُعد 22 كم عن العلا، وشهدت أرضها قصة نبي الله صالح عليه السلام مع قوم ثمود، وبقيت معالم قصتهم مع ناقة صالح خالدة بين صخورها حتى الآن.

وتشير العديد من الدراسات التاريخية إلى أن “العلا” زارها رحالة مسلمون خلال رحلتهم إلى الحج، ومنهم: ابن بطوطة سنة 726هـ، وعبدالقادر الجزيري الأنصاري سنة 961هـ، كما زارها مجموعة من المستكشفين الغربيين خلال زيارتهم للجزيرة العربية في أعوام 1880م، 1903م، 1907م، 1909م، 1910م، و1964م، وأعد الرحالة الإنجليزي ج كوك دراسة عام 1903م عن العلا بعنوان (الكتابات السامية الشمالية) وهي دلالة واضحة على اهتمام الغرب منذ القدم بدراسة التراث القديم الممتد من الشام إلى الجزيرة العربية، واهتمت دارة الملك عبدالعزيز بترجمة معظمها إلى اللغة العربية.

ولا عجب أن تجد محافظة العلا بمقوماتها التاريخية العريقة ذلك الاهتمام من المستكشفين، فقد أذهلت مقوماتها 22 دولة في اجتماع لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو عام 2008م، ليوافقوا على اعتماد إحدى مواقعها القديمة وهو موقع الحِجر (مدائن صالح) ضمن قائمة التراث العالمي، وعدت مدائن صالح في حينها أول موقع سعودي يسجل عالميًا.

واحتل موقع “الحِجر” مكانًا استراتيجيًا على طريق التجارة القديم (طريق البخور) الذي ربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها وبالمراكز الحضارية في بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، وسكنه قوم ثمود، ثم “الأنباط” من القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الثاني الميلادي، وفقًا لما ذكرت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في تقرير لها.

ولم تكمن أهمية محافظة العلا في وجود مدائن صالح وحسب، بل في القرية التراثية التي يوجد فيها مسجد بناه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالحجارة، وخط محرابه بعظم، فأطلق عليه مسجد “العظام”، ويحيط بالقرية من ثلاثة اتجاهات عدد من الحقول، ومزارع النخيل، والحمضيات، والفواكه، كما تميزت أرض العلا بتربة خصبة صالحة للزراعة، ووفرة كبيرة من المياه العذبة التي تنبع من 35 عينًا جوفية.

وقد مر كثير من المستكشفين الفرنسيين أيضاً على هذا التراث القابع في عمق الحضارات مدينة العلا، ودرسوا الكتابات الموجودة على الصخور وحللوها، وأهتموا بما فيها من المعاني الكثيرة أيضاً.

ومازالت العلا إلى اليوم أكبر معلم للسياحة لمن يهتم بالحضارات القديمة من حضارات الثموديين إلى حضارة النبطيين واللحيانيين والمعينيين، وغيرها من الحضارات التي أستقرت في تلك المنطقة لفترات متفاوتة من الزمن والعصر، وبنوا حضارتهم فوق الحضارات الموجودة فيها.

السابق
طرفة بن العبد
التالي
مقالة عن الصديق

اترك تعليقاً