هو من الشعراء الذين يتصفوا بالاخلاق الحميدة وأسمه الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني وهو من فبيلة تميم
الشاعر أبو فراس الحمداني
هو الحارث بن سعيد بن حمدان الحمدانيّ، ويُكنّى بأبي فراس، ولد في مدينة الموصل شمال العراق في عام 932م، ويعود في نسبه من جهة أبيه إلى قبيلة تغلب، ومن جهة أمّه إلى قبيلة تميم، وكان أبو فراس صاحب نسب وجاه وعاش طفولته وشبابه في دلال، وكان خلوقًا وصادقًا، وعُرِف عنه بأنَّه كان يكره الكذب والكاذبين، ويحرص على الابتعاد عنهم، ويتجنّبهم، فهو رجل يتصف بالأخلاق الحميدة، وحسن المعاشرة، والوفاء للصديق والحبيب، والصبر على المصائب، وهموم الدنيا، وحتى على أذية الغير، بل وكان حليمًا لا يغضب من فعل الجهلاء، ويصفح عنهم، وكان أبو فراس الحمدانيّ خير من يستجار به، وخير رفيق، وجار، وصديق، فقد كان رجلًا عربيًّا شهمًا كريمًا، وهذا ما جعل منه فخورًا بنفسه، وواثقًا منها، فقد كان مؤمنًا بأنَّ كل ذي خُلق كريم يستحق الاحترام والتقدير.[١]
نشأة أبي فراس الحمداني وشعره
نشأ أبو فراس الحمدانيّ يتيمًا، فعندما كان عمره ثلاث سنوات قُتل أبوه على يد ابن أخيه جرّاء خلافات سياسيَّة، وحرصت أمه على تربيته، وتولّي رعايته، وتكفّل به ابن عمه سيف الدولة الحمدانيّ، وظل أبو فراس تحت ظل ابن عمه، وكان معه في شبابه يحرص ويحنو عليه، وميّزه عن أقرانه، وخصّه بمكانة كبيرة، ومنحه الكثير من الحب، والاحترام، ولذلك نشأ أبو فراس الحمدانيّ وهو يُحب سيف الدولة ويُقدّره، وقد كان في صباه شابًّا قويًّا ذا قامة طويلة، وجسد ممتلئ، ومنكبين عريضين، وكانت شخصيته قويَّة، واتصف بالشجاعة، والبطش، وعلى الرغم من أنَّ الشيب غزا رأس أبي فراس الحمدانيّ في عمر مُبكّر إلّا أنَّه كان شديد الثقة في نفسه، ومتباهيًّا بها، وقد مدح نفسه في كثير من أبياته الشعريَّة، وكذلك استطاع أن يتمتع في حياته الخاصة حتى مع وجوده الدائم في ساحات القتال، وتأذّيه منها ما بين الأسر، والطعن، وقد كان أبو فراس الحمدانيّ شاعرًا عظيمًا، وله مكانة كبيرة، وقد اتصف شعره بالفخامة، والعذوبة، والرقة، فقد كانت قصائده بسيطة، وسياقها سهل بعيدة عن المبالغة والتكلُّف.[٢]
سجن أبي فراس الحمداني ووفاته
وقع أبو فراس الحمدانيّ أسيرًا أثناء حرب قبيلته مع الروم أكثر من مرة، وفي أول أسر له استطاع الفرار من السجن بعد سبع سنوات، وهو سجن يقع في نهر الفرات، وفرّ منه راميًا نفسه في مياه النهر، وأصبح بعدها أميرًا على منبج، ولكن في آخر مرة دخل فيها السجن تأخّر ابن عمه في افتدائه، وبقي في أسر البيزنطيين لمدة سبعة أعوام نظم فيها الكثير من القصائد طالبًا من ابن عمه أن يفتديه، وتباطأ ابن عمه في ذلك، وبقي في الأسر أربع سنوات حتى أُفرج عنه في صفقة تبادل أسرى، وقد توفيت والدة أبي فراس الحمدانيّ أثناء وجوده في الأسر، وتوفي أبو فراس الحمدانيّ عام 968م، وهو في سنّ الشباب، فقد كان عمره حينها ما يُقدر بنحو سبعة وثلاثين سنة، وبعد سنة واحدة من افتدائه، وسُميَّت أبياته الشعريَّة التي نظمها أثناء وجوده في الأسر بالروميات، وكان فيها يتحدث عن حياته في السجن بأسلوب مُميّز.