ما هو حسن الظن بالله
ما طرق حسن الظن بالله
التعرف على حسن الظن بالله
ان الله تعالى كتب الموت على جميع خلقه، ولم يستثن من ذلك احدا، فان الوفاة حق على كل الناس، وهو قسم من عقيدة المسلم وايمانه
معنى جمال الظن بالله
الظن في اللغة يقصد الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض، ويستخدم لفظ الظن والشك في اليقين على حاجز سواء.[٢] ويقصد بحسن الظن بالله
في الاصطلاح هي ان يعرف المبتلى ان الذي ابتلاه هو الله -سبحانه وتعالى- الحكيم الرحيم، وان الله -عز وجل- لم يرسل اليه البلاء ليهلكه به، او ليعذبه به، او ليوذيه، او ليضره، وانما ارسل البلاء اليه كما ارسله الى غيره من الخلق؛ ليمتحنهم ويمتحنه، ويعلم نطاق ايمانه وصبره ورضاه على ما اصابه من الابتلاء، وكي يسمع دعاءه في جوف الله ان كان من اهل الدعاء، وتضرعه ورجاءه لله بان يكشف عنه ما اصابه من البلاء، وليرى هل سيصبر على ما اصابه؟ ام انه سيكفر بالله ولا يمر هذا الاختبار الا فاشلا؟ وليرى الله عبده المبتلى متذللا له يرجوه ولا يرجو سواه، ويدعوه ولا يدعو سواه.[٣]
كيفية جمال الظن بالله
حسن الظن بالله ليس بالامر السهل، وليس ايضا بالامر الصعب، انما ينبغي على المسلم ان يقوم ببعض الامور حتى يبلغ الى القدرة على احسان الظن بالله، ومن الامور التي ينبغي على المسلم فعلها لاجل هذا ما ياتي:[٤]
- فهم معاني اسماء الله الحسنى وادراك صفاته، والالمام بكل ما يحيط بهذه الاسماء والصفات، والاطلاع الكامل على مبلغ حكمة الله سبحانه وتعالى، وقدرته في خلق الخلق وايجادهم، وحكمته في المنح والمنع، وحكمته فيما يصيب العبد من مصايب وابتلاءات وهموم، وحكمته في كل ما يتجاوز بالعبد من خير وشر، وان الله هو وحده المتصرف بهذا والقادر عليه.
- اجتناب المنكرات والاثام والمعاصي، والتوبة على ما اقترف من ذنوب وخطايا، فان المسلم اذا عصى الله ثم استغفره فانه يعي جيدا ان الله سيغفر له ما كان منه؛ لندمه على ما اذنب، وتوبته الصادقة، وعزمه الا يرجع اليه، فيكون قد وصل الى احسان الظن بالله.
- الاقبال الى الله بحسن العمل، والسعي لادراك اعلى البيوت في الجنة، والثقة بان الله سيدخله في جنته وينجيه من عذابه اذا ما هو قام بما امره بالقيام به وامتنع عما حرمه ونهاه عنه، والا يطلب الاجر والثزاب على ما يفعل الا من الله وحده، وان يعتقد يقينا ان الله -سبحانه وتعالى- سيثيبه على هذا ان التزم به، وانه سيغفر له ان استغفره وتاب اليه.
- ان يعي المسلم ان خزاين السماوات والارض بيد الله وحده، وانه هو الاوحد المتصرف فيها بالخلق والايجاد والاعطاء، وانه وحده يمنح عباده دون ان ينقص هذا شييا من ملكه، وانه لا يمنع عن احد من عباده الرزق او الخير لبخل او لحاجته لما منع، وان الله لا ينتفع بطاعة الطايعين ولا يتضرر بمعصية العاصين.
- ان يصبر على ما يصيبه من البلاء والمحن، ويحتسب في هذا الاجر من الله سبحانه وتعالى، حيث صرح الرسول عليه العلاقات والسلام: (عجبا لامر المومن ان امره كله خير، وليس ذاك لاحد الا للمومن؛ ان اصابته سراء امتنان فكان خيرا له، وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له) .[٥]
حسن الظن بالله في القران والسنة
جاء اوضح جمال الظن بالله في القران الكريم والسنة النبوية في العديد من المواضع، وهذا يدل على اهميتها ومكانته، واهمية ان يتجه العبد بالدعاء والرجاء الى الله وعده، ويعتقد انه هو وحده المتصرف بالامور، وانه القادر على صرف البلاء عن عباده، وهو القادر على قضاء حوايجهم ومسايلهم على تعددها، ومما جاء في جمال وسوء الظن بالله في القران الكريم والسنة النبوية ما ياتي:
في القران الكريم
جاء اوضح جمال الظن في القران الكريم في العديد من مواضع، منها، على طريق التمثيل لا الحصر، ما ياتي:[٦]
- قال تعالى في سورة الحاقة: (فاما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاوم اقرءوا كتابيه*اني ظننت اني ملاق حسابيه*فهو في عيشة راضية*في جنة عالية*قطوفها دانية*كلوا واشربوا هنييا بما اسلفتم في الايام الخالية)؛[٧] ومعنى قوله تعالى (اني ظننت اني ملاق حسابيه) ان العبد المومن اذا حمل كتابه بيمينه يقول: لقد اعتقدت يقينا ان الله سيحاسبني فاعددت لذلك هذا النهار بحسن الظن والعمل، فانجاه الله من عذاب جهنم وادخله الجنة.
- قول الله عز وجل: (الظانين بالله ظن السوء عليهم دايرة السوء)؛[٨] وفي تلك الاية دلالة الى عقوبة من يسيء الظن بالله -سبحانه وتعالى- ولا يثق بقدرته عز وجل، وان هولاء سيعاقبهم الله يوم القيامة لا محالة، وان من يسيء الظن بالله انما هو في الحقيقة يتهم الله في حكمه وحكمته وقدرته على الخلق ومحاسبته لهم.
- قول الله عز وجل: (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية)؛[٩] فالله سبحانه وتعالى في تلك الاية ينهى عباده ان يظنون به غير الحق، وان من يكون هذا وضعه فانه متصف باحدى صفات الجاهلية.
- قال تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين*الذين يظنون انهم ملاقو ربهم وانهم اليه راجعون)؛[١٠] فقد وصف الله سبحانه وتعالى الذين يحسنون الظن به انهم خاشعين في صلاتهم، وانهم الاقدر على الصبر على ما يصيبهم من المصايب، وهم الاقدر على القيام بالصلاة وما يصاحبها من خشوع وصبر عليه وتحمل له.
في السنة النبوية
جاء في السنة النبوية الكثير من الاحاديث التي توميء الى فضل حسن الظن بالله والتوكل عليه، والاستعانة به في وقت البلاء والمصايب، ومن هذه الاحاديث ما ياتي:
- صرح رسول الله -عليه العلاقات والسلام- في الجديد الذي يرويه عن ربه: (قال الله جل وعلا: انا نحو ظن عبدي بي ان ظن خيرا وان ظن شرا)،[١] فالله سبحانه وتعالى قد اوكل امر العبد في ذلك الجديد الى ذاته ودرجة جمال ظنه بالله او سوء ظنه به، فان ظن به خيرا كان له ذلك، وان ظن غير هذا فهو كما يظن.
- صرح رسول الله -عليه العلاقات والسلام-: (حسن الظن من جمال العبادة)،[١١] ذلك الجديد يوميء الى ان جمال الظن القايم على ما يكون في قلب المومن انما هو جزء من العبادة التي يوجر عليها المسلم ويثاب على فعلها.
- صرح رسول الله -عليه العلاقات والسلام-: (ان الله يقول: انا نحو ظن عبدي بي، وانا معه اذا دعاني)[١٢]
- عن جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة ايام، يقول: (لا يموتن احدكم الا وهو يحسن الظن بالله عز وجل)،[١٣] فقد نبه المصطفى -عليه العلاقات والسلام- في الجديد انه لا ينبغي لمومن ان يموت الا وهو يحسن الظن بالله، الامر الذي يوميء الى اهمية الامر وضرورته.