الشكر في اللغة هو عرفان النعمة واظهارها وثناء الله -تعالى- عليها،[١] وفي الاصطلاح يقصد الاعتراف بفضل الله -تعالى- والثناء عليه،[٢] وقيل: هو دفع جميع ما انعم الله -تعالى- به على الانسان الى ما خلق لاجله، اما سجدة الحمد فهي السجود الذي يوديه المسلم نحو حدوث خير ما او نحو انصراف هم شكرا وحمدا لله تعالى، ويكون باداء سجدة واحدة كسجود العلاقات المفروضة.[٣]
فضل سجدة الشكر
شرعت سجدة الحمد لادايها نحو حصول نعمة ما او انصراف شر، وهي شكل ووجه من اوجه امتنان الله -تعالى- على فضله، حيث صرح الله تعالى في القران الكريم: (واذ تاذن ربكم سهل شكرتم لازيدنكم ولين كفرتم ان عذابي لشديد)،[٤] فشكر النعمة يوذن بزيادتها، وتتعدد افضال سجدة الحمد كما ياتي:[٥]
- ان من اسماء الله -تعالى- الحسنى الشكور؛ فهو المنعم على عباده ولا يضيع اعمالهم ويضاعف المكافاة والاجور لهم، وهو من يغفر الزلات ويقبل التوبة؛ وورد اسم الشكور في القران الكريم: (ان الله غفور شكور).[٦]
- ان الحمد صفة من صفات الانبياء عليهم السلام، فالله -تعالى- تتم عن انبيايه -عليهم السلام- وامتدحهم نتيجة لـ شكرهم لنعمه وفضله؛ حيث صرح الله -تعالى- عن نوح عليه السلام: (ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا).[٧]
- ان الحمد من صفات المومنين.
- ان الله -تعالى- امر المومنين بالشكر، فالشكر يعتبر من امتثال امر الله تعالى؛ حيث صرح الله تعالى: (يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا للـه ان كنتم اياه تعبدون).[٨]
- ان الحمد والحمد يجلب رضى الله تعالى.
- ان الشاكرين وعدهم الله -تعالى- بالعطاء الجزيل في اخرتهم؛ حيث قال:(وسيجزي الله الشاكرين).[٩]
- ان رضى الله -تعالى- مبني على امتنان العبد له كما جاء في الجديد النبوي: (ان الله ليرضى عن العبد ان ياكل الاكلة فيحمده عليها، او يشرب الشربة فيحمده عليها).[١٠]
- ان الحمد صفة من صفات الضييل من الناس؛ حيث امتدحهم الله -تعالى- بقوله: (وقليل من عبادي الشكور).[١١]
احكام تتعلق بسجدة الشكر
بين العلماء العديد من احكام تتعلق بسجدة الشكر، وبيان بعضها فيما ياتي:[١٢]
- لا يشترط نحو اكثر الفقهاء في سجدة الحمد ما يشترط لصحة الصلاة من استقبال القبلة والطهارة وغير هذا من الاحكام، خلافا لمن اشترط لسجدة الحمد ما يشترط في علاقات النافلة من ستر العورة والطهارة وغيرها من الاحكام؛ لان واضح سجدة الحمد هي فرح الانسان لامر استجد له فاراد ان يشكر الله -تعالى- على فضله في حينها.
- يرجح القول بان سجدة الحمد لا يلزمها تكبير ولا تسليم في نهايتها؛ اذ ان هذا لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم ينقل عنه.
- لا يبقى اوضح محدد يذكر في سجدة الشكر؛ وانما يقول المسلم ما يناسب وضعه من حمد وثناء وشكر لله تعالى.
- لا تصح سجدة الحمد اذا بشر الانسان بما يسره وهو يصلي.
- يجوز قضاء سجدة الحمد اذا لم يستطع المسلم ان ياتيها في حينها.
- يجوز اداء سجدة الحمد على الراحلة بالايماء وفق الاستطاعة والقدرة.
شكر الله على النعم
تعد سجدة الحمد هيية خارجية من اشكال امتنان الله -تعالى- على نعمه، وهناك العديد من صور اخرى لشكر الله تعالى؛ منها:[٢]
- تقوى الله تعالى؛ حيث صرح ابن اسحاق -رحمه الله- في توضيح قول الله تعالى: (فاتقوا الله لعلكم تشكرون)؛[١٣] اي فاتقوني فان هذا شكرا لنعمتي.
- الرضى والقناعة بما قسم الله -تعالى- على العبد وقدر له من النعم والافضال، وعدم الشكوى من الفقر او الابتلاء بالمال او بالصحة.
- صلاة الضحى تعد من صور امتنان الله تعالى.
- اللجوء الى الله -تعالى- بالسوال والدعاء.
- التفكر بنعم الله -تعالى- على الانسان؛ فمن تفكر بصحته وقوته حمد وشكر الله -تعالى- عليها.
- شكر الانسان لمن قدم اليه معروفا؛ فشكر الناس من امتنان الله -تعالى- كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
امور تعين على الشكر
لا بد من المسلم شكر الله -تعالى- على نعمه، ومن الامور التي تعين على شكره:[٢]
- النظر الى اهل الفاقة والمحرومين لمعرفة نعم الله -تعالى- وحمد وشكره؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ااذا نظر احدكم الى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر الى من هو اسفل منه ممن فضل عليه).[١٤]
- ادراك المسلم بانه عبد لله تعالى، وان الله -تعالى- سيده ومالك امره وكل فضل نحو هو نعمة وخير ويجب عليه حمد وشكر الله تعالى عليها، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه رغم انه مغفور الذنب؛ وهذا شكرا لله تعالى.
- الانتفاع بالنعم واظهار اثرها يعتبر طريق لشكر الله -تعالى- عليها.
- ذكر الله -تعالى- في كل الاوقات والاحوال.
- التواضع لله -تعالى- ولعباده.
- الشعور بالتقصير بحق الله -تعالى- ايا كان امتنان الانسان ربه وحمده.
- ترك مجالس الغفلة والانقطاع عنها؛ لينصرف العقل والقلب الى اوضح الله -تعالى- وشكره وحمده والثناء عليه.
- مجاهدة الشيطان؛ فاولى اهداف الشيطان دفع العباد عن امتنان ربهم، ودل على هذا قول الله تعالى: (ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمايلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين).[١٥]
- الدعاء بسوال الله -تعالى- النجاح والهداية الى الحمد على نعمه وافضاله والالحاح في الطلب.
