تتميز المراة فى كل المجال وتبرز فى مجال الادب ومنهم الاديبة حياة فدوى طوفان
الأدب النسوي المعاصر
إنَّ الأدب النسوي بشكل عامّ هو كلُّ أدب تكتبُهُ أنثى سواء أكانت هذه الأنثى شاعرةً أو روائيةً أو قاصَّةً، ويقول بعض النقاد في تعريف الأدب النسوي: إنّ كلّ أدبٍ يتعلّق بقضية المرأة وحقوقها في المجتمع يدخل تحت حكم الأدب النسوي حتّى لو لم تكتبْهُ امرأة، ويُسمّى الأدب النسوي أيضًا أدب الأنثى أو المرأة، والأدب النسوي المعاصر هو الأدب يتعلّق في موضوعهِ بالمرأة، وكلمة المعاصر تعني الفترة التي تلتِ التاريخ الحديث، والراجح أنَّ مرحلة الأدب المعاصر بدأت عام 1789، وهذا المقال مخصص للحديث عن إحدى أعلام الأدب النسوي المعاصر وهي فدوى طوقان والتجربة النثرية عندها وأبرز قصائدها.
نبذة عن حياة فدوى طوقان
هي شاعرة وأديبة فلسطينية معاصرة، واسمها الكامل فدوى عبد الفتاح آغا طوقان، وُلِدتْ عام 1917م في فلسطين، وهي فلسطينية أردنية من حيث الجنسية، وكانت فدوى طوقان عضوًا من أعضاء مجلس أمناء جامعة النجاح الموجودة في مدينة نابلس في فلسطين، وهي المدينة التي حملتْ على عاتِقها مسؤولية تعليم الأديبة فدوى طوقان في صغرها.
وقد كانَ لفدوى في حياتِها شأن عظيم، فقد حصلتْ على العديد من الجوائز الأدبية العربية والعالمية، ولعلَّ أهمها جائزة رابطة الكتاب الأردنيين والتي فازت بها عام 1983 م، وجائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري في الكويت عام 1994م، وجائزة ساليرنو للشعر في إيطاليا ووسام فلسطين أيضًا، وحصلتْ على جائزة كافاتيس الدولية للشعر أيضًا عام 1996م، قبل أن تغادر الحياة عن عمر ناهز ال86 سنة في الثاني عشر من كانون الأول من عام 2003 تاركةً وراَها نتاجًا أدبيًّا شعريًّا عظيمًا أثرت به خزينة الأدب العربي [١].
التجربة النثرية للكاتبة فدوى طوقان
بعد أنْ فتحتْ فدوى طوقان الباب واسعًا لبساتين الأدب وبرزت بهذا المجال بروزًا لافتًا، كانَ لا بدَّ لها أن تهتم مع الشِّعرِ بالجانب النثري، الذي استطاعتْ به فدوى أن تضع بصمة واضحة المعالم أمام النقاد والجمهور بشكل عام، حيث كانَ لها اهتمامات أدبية نثرية بعديد من المجالات النثرية كالقصة والرسالة والتقرير الصحفي والمقالات إلى جانب نجوميتها التي حققتها على مستوى الشعر في العالم العربي والأجنبي.
وقد أصدرت كتاب سيرتها الذاتية الذي تضمّن اليوميات والمذكرات والأحداث الحياتية التي مرّت بها طيلة حياتها، وكانت هذه إحدى تجارب فدوى المهمة في المجال النثري، إلى جانب ما وردَ من اهتماماتها بالمقالة والقصص والرسالة، وكانتْ سيرة فدوى موجزة، ذلك الإيجاز الذي إنّ دلَّ على شيء إنّما يدلُّ على البلاغةالكبيرة التي تمتعت بها الكاتبة، فلم تكن بحاجة إلى الاستطراد والتوسع لإيصال الفكرة التي تريدها نثرًا، فكانت فدوى أديبة بكلِّ ما تحملُهُ هذه الكلمة من معنى، واستحقت أن يحفظها الأدب في الذاكرة إلى الأبد.
قصائد فدوى طوقان
بعد ما ورد من حديث عن حياة فوى وتجربتها النثرية لابدَّ من المرور على بعض قصائدها التي أوصلتَها للعالمية وحفرتها عميقًا في قلوب وعقول الناس. [٢]
- تقول فدوى طوقان قصيدة الكوكب الأرضي:
هذا الكوكب الأرضي
لو بيدي
لو أني أقْدر أن أقْلِبه هذا الكوكبْ
لو أني أملك أن أملأه هذا الكوكبْ
ببذور الحبّْ
فتعرِّش في كلّ الدنيا
أشجار الحبّْ
ويصير الحب هو الدنيا
ويصير الحب هو الدربْ
لو بيدي أن أحميه هذا الكوكبْ
من شر خيار صعبْ
لو أني أملك لو بيدي
أن أرفع عن هذا الكوكبْ
كابوس الحربْ
أن أفرغه من كل شرور الأرضْ
أن أقتلِعَ جذورَ البُغضْ
أن أُقصي قابيلَ الثعلبْ
أقصيه إلى أبعد كوكبْ
أن أغسل بالماء الصافي
إخْوة يوسفْ
وأطهّرُ أعماق الإخوة
من دنسِ الشرْ
لو بيدي
أن أمسح عن هذا الكوكبْ
بصمات الفقرْ
وأحرّره من أسْر القهرْ
لو بيدي
أن أجتثّ شروش الظلمْ
وأجفّف في هذا الكوكبْ
أنهار الدمْ
لو أني أملك لو بيدي
أن أرفع للإنسان المتعبْ
في درب الحيرة والأحزان ْ
قنديل رخاء واطمئنانْ
أن أمنحه العيش الآمِنْ
لكن ما بيدي شيْء
إلاّ لكْ
- وتقول أيضًا في قصيدة الشاعرة والفراشة:
هناك فوق الربوة العالية هناك في الأصائل الساجيه
فتاة أحلام خالية تسبح في أجوائها النائيه
الصمت والظلّ وأفكارها رفاقها، والسرحة الحانية
حياتها قصيدة فذّة منبعها الحسّ ونيرانه
وحلم محيّر تائه من قلق اللهمة ألوانه
حياتها بحر نأى غوره وإن بدت للعين شطآنه
رنت فتاة الشعر مأخوذةً بصور الطبيعة الخالية
والأفق الغربي تطفو به ألوانه الورديه اللّاهبه
كأنه أرض خرافيّةٌ هوت اليها شمسه الغاربه
ودّت وفيها لهفٌ كاسح لو تأخذ الكون الى صدرها
تحضنه وتشبع الروح من آياته الكبرى ومن سحرها
تعانق الأرض، تضمُ السنا تقبّل الغيوم في سيرها
- وقالت أيضًا في قصيدتها التي عنونتها حياة:
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق، وديوان شعر، وعود
حياتي، حياتي أسىً كلها
إذا ما تلاشى غدًا ظلّها
سيبقى على الأرض منه صدى
يردد صوتي هنا منشداً:
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق، وديوان شعر، وعود
بليل الشجون
وعمق السكون
تمر أمامي كحلم سرى
طيوف أحبّاي تحت الثرى
فتزعج ناري خلف الرماد
ويغرق سيل الدموع وسادي
دموع الحنين
الى راحلين
مضوا وطواهم ظلام اللحود
بقلبي اليتيم
تنادي كلومي
أطلّ بروحك يا والدي
لتنظر من أفقك الخالد
فموتك ذلٌ لنا أيّ ذلّ
ونحن هنا بين أفعى وصل
ونفث سموم
وكيد خصوم
بدنيا العقوق، بدنيا الجحود
ويبدو خيال
بغفو الليالي
خيال أبي شقّ حجب الغيوب
بعينيه ظلّ شعورٍ كئيب
أراه فتهم له أدمعي
ويحنو علي ويبكي معي
وأدعو: تعال
رحيلك طال
بمن نستظل وانت بعيد!
وفي ليل سهدي
يحرّك وجدي
أخٌ كان نبع حنانٍ وحبّ
وكان الضياء لعيني وقلبي
وهبّت رياح الردى العاتية
وأُطفأتِ الشعلة الغالية
وأصبحتُ وحدي
ولا نور يهدي
ألجلج حيرى بهذا الوجود
وهذا شبابي
أمان كوابي
شباب سقاه الأسى ورواه
اذا ما دعته إليها الحياه
وأشواقها، شدّه ألف غلّ
وطوّقه ألف طوق مذلّ
شباب عذاب
رهين اغتراب
يضيع شذاه بأسر القيود:
واطرق رأسي
بوحشة يأسي
وفي الروح تصخب أشواقها
وفي النفس ترعد آفاقها
وأفزع للشعر سلوة روحي
أصور أشواق عمر ذبيح
فيهدأ حسي
وتخشع نفسي
وتسكن لهفة روحي الشريد
وأجذب عودي
لقلبي الوحيد
فتخفق أوتاره باللحون
تهدهد قلبي وتجلو شجوني
بفنّي وشعري والحان عودي
أصارع آلام عمر شهيد
وهذا نشيدي
نشيد وجودي
سيبقى ورائي صداه يعيد:
حياتي دموع
وقلب ولوع
وشوق، وديوان شعر، وعود.