يعد الظلم هو أكبر ذنب يرتكبه المسلم فى حق أخيه المسلم لذلك فيدعو الله ان يسامحه إذا كان ظالم أو مظلوم
مفهوم الظلم
الظلم من أكبر الذنوب والآثام التي حرّمها الله -سبحانه وتعالى- على نفسه وعلى عباده، وتوعد الظالمين بأشدّ العقوبات في الدنيا والآخرة، والظلم في اللغة العربية من الفعل الثلاثي ظَلَمَ أي تجاوز الحدّ في الأمر أو الجور، والظلم في الاصطلاح هو وضع الأمر في غير موضعه الصحيح أو التعدي على حقوق الآخرين المعنوية والمادية والجسدية دون وجه حقٍّ بالزيادة أو النقصان أو التصرف في ملك الغير دون رضاه، لذلك جعل الإسلام للمظلوم كامل الحق في المطالبة بحقّه، ومن ذلك دعاء المظلوم على ظالمه وهي من الدعوات المستجابة في الدنيا والآخرة، فالله سبحانه هو العدل ولا يقبل بالظلم مُطلقًا.
أنواع الظلم
يتخذُ الظلم أشكالًا عدّة، لذلك عمد علماء المسلمين من أهل السُّنة والجماعة إلى تقسيم الظلم بحسب الطرف الواقع عليه إلى أقسامٍ ثلاثةٍ هي:
- ظلم الإنسان لنفسه فيما يتعلق بجانب الله: يكون العبد ظالمًا لنفسه عن طريق الابتعاد بها عن درب الحق والهداية والصلاح والإيمان بالله حيث يرتضي لنفسه الكفر والشِّرك والنفاق ومساوئ الأخلاق مجافيًا للحق وأهله، وهذا النوع من الظلم من أشد الأنواع وأعظمها عاقبةً حيث إنّ الله -سبحانه وتعالى- لا يغفر أبدًا لمن مات مشركًا به أو كافرًا بعبادته، ويكون مصيره خالدًا في نار جهنم.
- ظلم الإنسان للآخرين: يكون العبد ظالمًا للآخرين من الأهل أو الأقارب أو الزملاء أو من هم في رعايته ووصايته كالأبناء أو الزوجة أو الموظفين أو أفراد الشعب بالتعدي على حقوقهم وسلبهم إياها أو انتقاصهم شيئًا من حقوقهم المادية أو المعنوية دون وجه حقٍّ، وتتنوع صور ظلم الإنسان للآخرين ومنها: أكل أموال الأيتام، والتلاعب في الموازين، والغش والتدليس، وشهادة الزور، والتعدي على الحدود في الأراضي، وحرمان النساء من الميراث، وتأخير رواتب العمال أو الموظفين أو بخسهم حقهم بعد إنجازهم للعمل كاملًا، وتلفيق التُّهم للأبرياء والزّج بهم في السجون وإيقاع العقوبات المادية والنفسية والجسدية عليهم، وغيرها الكثير من صور الظلم المشتملة على انتقاص الحقوق وحرمان الإنسان من حقوقه المكفولة في الشّرع والقانون والأعراف المتداولة بين الناس.
- ظلم الإنسان لنفسه فيما يتعلق بذاته: يكون العبد ظالمًا لنفسه عن طريق الإضرار بها وعدم المحافظة على صحّته الجسدية والنفسية والمعنوية من خلال ارتكاب كل ما ينافي الفِطرة السليمة والأديان السماوية كارتكاب الذنوب والمعاصي التي تُلحق الضرر بالعقل والجسم مثل تعاطي المخدرات وإدمان الكحول، وممارسة العادات السيئة كالتدخين وكثرة السهر، وممارسة الرياضات الخطيرة التي قد تتسبب في إلحاق الأذى الجسدي كالإعاقة أو الشلل أو الموت، ومن صور ظلم الإنسان لذاته الكذب والزنا والنميمة وغيرها، وهذا النوع من الظلم يكون فيه الإنسان تحت رحمة الله ومشيئته فإن شاء سبحانه عذّبه وعاقبه على ذلك في الدنيا أو في الآخرة أو في كليهما وإن شاء عفا عنه وتجاوز عن ظلمه وغفر له ما اقترف من ظلمٍ في حقِّ ذاته وستر عليه ذنبه ذلك في الدنيا والآخرة.
دعاء المظلوم
دعاء المظلوم على الظالم شكلٌ من أشكال الانتصار على الظلم والعدوان الواقع على المظلوم مهما كان طبيعة الظلم صغيرًا أم كبيرًا؛ فالمظلوم هو الأدرى والأقدر على تحديد نسبة الأذى الواقع عليه والتضرر الحاصل له من جراء الاعتداء على حقّه المادي أو المعنوي؛ فللمظلوم أن يدعوَ بما يشاء وبأي أسلوبٍ أو لغةٍ أو صياغةٍ يُتقنها بشرط ألا يتجاوز في دعوته تلك حدود مظلمته، أما بخصوص وجود صلاةٍ معينةٍ أو آياتٍ أو أدعيةٍ محددةٍ بعينها لدفع الظلم فلا صحّة لهذا الأمر بحسب الشريعة الإسلامية ومن ربط دعاءه بصلاةٍ أو دعاءٍ أو آياتٍ فهذا من البِدع في الدِّين وكل بدعةٍ ضلالةٍ.
ويستطيع الظالم التخلّص من دعاء المظلوم عليه بطريقةٍ واحدةٍ فقط وهي التوبة إلى الله -سبحانه وتعالى- والاعتراف بالذنب وإيقاع الظلم على فردٍ بعينه أو مجموعةٍ من الأفراد والسعي إلى ردّ المظالم إلى أهلها وإعادة الحق إلى صاحبه سواءً أكان حقًّا ماديًّا أم معنويًّا، وتعويضه عمّا لحق به من الضرر والأذى نتيجة ذلك الظلم إن أمكن، وطلب المغفرة والسماح من المظلوم، أما إن أصاب دعاء المظلوم الظالم قبل إفاقته من غفلته وظلمه فلا سبيل لرفع أثر دعوته إلى بطلب السماح منه وتوجه الظالم لله بالدعاء لرفع ما حلّ به من أثر دعوة ذلك المظلوم.
دعاء المظلوم من الدعوات التي لا تردّ فهي محققة الاستجابة ولو بعد حينٍ من الزمان؛ أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بعثَ معاذًا إلى اليمنِ فقال:”إنكَ تأتي قومًا أهلَ كتابٍ فادعُهُمْ إلى شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأني رسولُ اللهِ فإن هم أطاعوا لذلكَ فأَعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهم تُؤخذُ من أغنيائِهم وتُرَدُّ في فقرائِهم؛ فإن هم أطاعوا لذلكَ فإياكَ وكرائمَ أموالِهم، واتَّقِ دعوةَ المظلومِ فإنَّها ليسَ بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ”.
أسباب الظلم
الظلم من الذنوب العظيمة التي يقترفها الإنسان مُلحقًا الأذى بنفسه أو بغيره في الحياة الدنيا إلى جانب الأضرار النفسية والمادية التي يوقعها على ضحاياه نتيجة الجور والافتراء الواقع عليهم ومن الأسباب التي تدفع بالإنسان كي يكون ظالمًا:
- وسوسة الشيطان وتزينه للحياة الدنيا في عين الظالم.
- اتباع هوى النفس ورغباتها الجامحة في التملُّك والتفرد بالقرار والرأي.
- النفس الأمارة بالسوء والفحشاء نتيجة مشاكل نفسيةٍ أو تربيةٍ غير صالحةٍ أو اغترارٍ بما لدى الظالم من النفوذ والقدرة على البطش.