صحة

رواية الأبله

تعد الكتب و الرويات هى غذاء الروح وتقوم بإعطاء الإنسان معلومات وخبرات عن أشياء كثيرة فى الحياة.

رواية الأبله

في عام 1867 غادر ديستويفسكي روسيا هربًا من الديون التي تراكمت عليه في تلك الفترة تنقّل بين برلين ودريسدن وبادن وجنيف وميلان وفلورنسا، في رحلته العجيبة تلك شاهد لوحة “المسيح يرفع من على الصّليب” وقد توقف لأكثر من عشرين دقيقة أمامها كما ذكرت زوجته في مذكراتها .. وقد لازمته هذه اللوحة ككابوسٍ مرعب فترةً طويلة من الزَّمن، يعتقد النقّاد أنَّ رواية الأبله بدأت من هذه اللحظة فقد شرع بكتابة مسودّتها في خريف 1867 وأتمّها في يناير 1869 لتُصبح أشهر رواياته على الإطلاق وقد كتب إلى صديقه وقتها:” لقد تعذّبت بالفكرة لوقتٍ طويل فقد كنت خائفًا من عمل روايةٍ منها لأنَّني كنتُ مترددًا جدًا ولم أكن جاهزًا لها رغم أنَّها كانت مغرية وأعجبتني كثيرًا .. الفكرة هي احتجاج رجلٍ متكامل، إنَّ حالتي البائسة فقط هي التي أجبرتني على تبنّي هذه الفكرة الفجّة ولا أدري ربَّما تطوَّرت تحت قلمي  .. هذا لا يُغتفَر”.

نبذة عن رواية الأبله

كعادة ديستويفسكي في أعماله فإنَّ هذه الرواية تتناول تقنيات معالجة النفس البشرية بأسلوبٍ قصصي وتمتاز بالتحليل والشمول لسيكولوجية النفس فقد سبر أغوار الإنسان فيها وخاطب ضميره وشرَّح مشاعره ورغباته وأظهرها إلى العلن.

تتحدَّث الرواية عن الأمير ميشكين المُصاب بمرض الًّصرع وبالمناسبة هو ذاته المرض الذي أصاب ديستويفسكي طوال عمره، يعود الأمير ميشكين من سويسرا بعد رحلة علاجه وأثناء الطّريق في القطار يعطينا الكاتب لمحةً مفصَّلة عن هذا الأمير فهو يتصرَّف بعفوية شديدة وطيبة لا متناهية وبشكلٍ خارجٍ عن التقاليد وطبيعة المجتمع مما يُجبر النَّاس على نعته بالأبله.

يقرِّر الأمير ميشكين زيارة قريبته الوحيدة في بطرسبرج وهناك يتعرَّف على بناتها الثلاث واللاتي هنَّ أجملُ بنات المدينة على الإطلاق.

يسترسل ديستويفسكي هنا بالحديث عن تفاصيل إقامة الأمير في بطرسبرج والأشخاص الذين قابلهم وعلاقته مع الآخرين باسترسال كبير حتّى أنَّ بعض النُّقاد كان قد عاب على ديستويفسكي ذلك وقالوا بأنَّه يزجُّ بتفاصيل غير ضرورية وبتفاصيل من حياته الشخصية لجعل الرواية أقوى.

خلال إقامته يقع الأمير في دوامة العاطفة فيصارعه نوعان من الحب، الحب الحقيقي بينه وبين (آجلايا)  ابنة الجنرال والحبّ المتمثل بالعطف والرأفة بينه وبين (أناستاسيا) تلك التي يُريدها جميع من في القصر.

الأبله الذي صنعه ديستويفسكي

على مدى الألف صفحة التي تتكوَّن منها الرواية يأخذنا ديستويفسكي في صراعات عدّة على المال والسلطة والحب وتبقى ردّة فعل الأمير واحدة حتى بعد محاولة قتله فهو يُعطي دائمًا ويُقابل الإساءة بالإحسان ويصفح عن الجميع، يتحلّى بالإيثار والصِّدق والبراءة، هو الإنسان الخام والمثالي الذي أراد ديستويفسكي صنعه فقد صوّر بعض النقّاد شخصية الأبله بأنّها (مسيح ديستويفسكي) ولكن في النهاية يتبيّن لنا بأنّ المجتمع هو الأبله وليس من يتّصف بتلك الصفات الحميدة.

كما أورد ديستويفسكي في الرواية فصلًا أسماه ماريا والأطفال وهو فصلٌ يصلح أن يُقتطع ويُنشرَ وحده كقصّةٍ طويلة.

السابق
كتاب قلوبهم معنا وقنابلهم علينا
التالي
رواية الطنطورية

اترك تعليقاً