أدباء وشعراء

شعر أبو قاسم الشابي

اجمل شعر أبو قاسم الشابي

نبذه عن أبو قاسم الشابي

من هو أبو قاسم الشابي

 ان أبو قاسم الشابي قد لقب بشاعر الخضراء لانه ولد فى تونس الجميله فهو قدم الينا العديد من الاشعار الجميله

علم الشابي بمرض قلبه اثر تخرجه من الجامعة، ولكن اعراض الداء لم تكن ظاهرة الا عام 1929، ونزولا نحو رغبة والده بالزواج ذهب الشابي ال الطيبي لتشخيص مرضه، وعندما طمانه الطبيب بقدرته على اتمام امره، عزم الشابي على الزواج وعقد قرانه. (2)

ازدادت وضعية الشابي الصحية سوءا فيما بعد نتيجة لـ اسباب متعددة، منها تطور الداء الطبيعي مع الزمن، واحوال التلاميذ السيية في المساكن المخصصة بم في جامعة الزيتونة، اضافة الى الصدمة التي تلقاها نتيجة لـ موت محبوبته، فاهمل حياته الصحية بالبدن والفكر، التي نصحه اطباوه بالاعتدال، الا ان الدارسين لحياته اكدوا ان الوجع السيكولوجي الذي لحق به هو ما ادى الى ضعف حالته الصحية. (3)

وفاته

نقل الشابي الى المستشفى اثر نوبة قلبية قبل وفاته بعدة ايام، وتوفي في اكتوبر عام 1934، نقل جثمانه الى توزر ودفن فيها. وفي ذلك الحين حظي الشابي بعد موته بعناية كبيرة، ففي عام 1946 اقيم له ضريح في تونس تخليدا له ولشعره ولكفاحه في الحماية عن وطنه بالقلم والكلمة. (3)

شعره

اعتمد الشابي في شعره على اسلوبين: طريقة فخم قوي النسج التزم به في الفترة الاولى من نظمه للشعر، وخص به قصايده التي كتبها في الحكمة، والرثاء، والفخر. اما الطريقة الثاني فهو طريقة سهل سلس خصصه للقصايد الوجدانية والخيالية. وعليه، فقد ضمت قصايده ذات الطريقة الاول الفاظا جزلة واخرى غريبة.

اما تراكيبه اللفظية فهي تجري مجريين: مسار الطرق العربية، ومجرى اكثر تحررا وانفلات من الطرق العربية.

اما الاغراض الشعرية فهي محدودة، فهي وجدانية متعلقة بالتامل في الحياة، ونجد في هذا الالفاظ التي تدل على كل غاية شعري، كالغابة، والعصفور، والورود، والفصول، وغيرها في الطبيعة. وفي الحياة الاجتماعية من سياسية ووطنية وحياة ادبية، وفي الحياة الماورايية لفظا الله والموت، اضافة الى الموضوعات النفسية، والحب والغزل. (4)

من جميل شعره

من شعره الراي، اخترنا لكم مجموعة قصايد كالاتي:

لحن الحياة

اذا الشـــعب يومــا اراد الحيــاة

فــلا بــد ان يســتجيب القــدر

ولا بــــد لليـــل ان ينجـــلي

ولا بــــد للقيـــد ان ينكســـر

ومــن لــم يعانقـه شـوق الحيـاة

تبخـــر فــي جوهــا واندثــر

فــويل لمــن لــم تشــقه الحيـا

ة مــن صفعــة العــدم المنتصـر

كـــذلك قالت لــي الكاينــات

وحـــدثني روحهـــا المســـتتر

ودمــدمت الــريح بيــن الفجـاج

وفــوق الجبــال وتحـت الشـجر:

اذا مـــا طمحــت الــى غايــة

ركــبت المنــى، ونسـيت الحـذر

ولــم اتجــنب وعــور الشـعاب

ولا كبـــة اللهـــب المســـتعر

ومن يتهيب ارتفاع الجبال

يعش ابــد الزمن بيــن الحــفر

فعجــت بقلبــي دمــاء الشـباب

وضجــت بصـدري ريـاح اخـر…

واطـرقت، اصغـي لقصـف الرعـود

وعــزف الريــاح، ووقـع المطـر

وقـالت لـي الارض – لمـا سـالت:

ايــا ام هــل تكــرهين البشــر؟

ابــارك فـي النـاس اهـل الطمـوح

ومــن يســتلذ ركــوب الخــطر

والعــن مــن لا يماشــي الزمـان

ويقنـــع بــالعيش عيش الحجــر

هــو الكــون حـي، يحـب الحيـاة

ويحــتقر الميــت، مهما كــبر

فـلا الافـق يحـضن ميـت الطيـور

ولا النحــل يلثــم ميــت الزهـر

ولــولا امومــة قلبــي الــرووم

لمــا ضمــت الميـت هذه الحـفر

فــويل لمــن لــم تشــقه الحيـا

ة، مــن لعنــة العــدم المنتصـر!

وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف

مثقلـــة بالاســـى، والضجـــر

ســكرت بهـا مـن ضيـاء النجـوم

وغنيــت للحــزن حــتى ســكر

سـالت الدجـى: هـل تعيـد الحيـاة،

لمـــا اذبلتــه، ربيــع العمــر؟

فلـــم تتكـــلم شــفاه الظــلام

ولــم تــترنم عــذارى الســحر

وقــال لــي الغــاب فــي رقـة

محببـــة مثــل خــفق الوتــر:

يجــي الشــتاء، شــتاء الضبـاب

شــتاء الثلــوج، شــتاء المطــر

فينطفــي السـحر، سـحر الغصـون

وســحر الزهــور، وسـحر الثمـر

وســحر السـماء، الشـجي، الـوديع

وســحر المـروج، الشـهي، العطـر

وتهـــوي الغصــون، واوراقهــا

وازهــار عهــد حــبيب نضــر

وتلهــو بهـا الـريح فـي كـل واد،

ويدفنهــا الســيل، انــى عــبر

ويفنــى الجــميع كحــلم بــديع،

تـــالق فـــي مهجــة واندثــر

وتبقــى البــذور، التــي حـملت

ذخــيرة عمــر جــميل، غــبر

وذكــرى فصــول، ورويـا حيـاة،

واشــباح دنيــا، تلاشــت زمـر

معانقــة – وهـي تحـت الضبـاب،

وتحــت الثلـوج، وتحـت المـدر –

لطيــف الحيــاة الــذي لا يمــل

وقلــب الــربيع الشــذي الخـضر

وحالمـــة باغـــاني الطيـــور

وعطــر الزهــور، وطعـم الثمـر

ويمشـي الزمـان، فتنمـو صـروف،

وتــذوي صــروف، وتحيـا اخـر

وتصبـــح احلامهـــا يقظـــة،

موشـــحة بغمـــوض الســحر

تســايل: ايــن ضبـاب الصبـاح،

وســحر المسـاء؟ وضـوء القمـر؟

واســراب ذاك الفــراش الانيــق؟

ونحــل يغنــي، وغيــم يمــر؟

وايـــن الاشـــعة والكاينــات؟

وايــن الحيــاة التــي انتظــر؟

ظميـت الـى النـور، فـوق الغصون!

ظميـت الـى الظـل تحـت الشـجر!

ظميـت الـى النبـع، بيـن المـروج،

يغنــي، ويــرقص فـوق الزهـر!

ظميــت الــى نغمــات الطيـور،

وهمس النســيم، ولحــن المطــر

ظميـت الـى الكـون! ايـن الوجـود

وانـــى ارى العــالم المنتظــر؟

هـو الكـون، خـلف نوم الجـمود

وفـــي افــق اليقظــات الكــبر

ومـــا هــو الا كخــفق الجنــا ح

حــتى نمــا شــوقها وانتصـر

فصـــدعت الارض مــن فوقهــا

وابصــرت الكـون عـذب الصـور

وجـــاء الـــربيع، بانغامـــه،

واحلامـــه، وصبـــاه العطــر

وقبلهـــا قبـــلا فــي الشــفاه

تعيــد الشباب الــذي قـد غـبر

وقــال لهــا: قـد منحـت الحيـاة

وخــلدت فــي نســلك المدخــر

وبـــاركك النـــور، فاســتقبلي

شــباب الحيــاة وخــصب العمـر

ومــن تعبــد النــور احلامــه،

يباركـــه النــور انــى ظهــر

اليــك الفضــاء، اليــك الضيـاء

اليــك الــثرى، الحـالم، المزدهـر!

اليــك الجمال الــذي لا يبيــد!

اليــك الوجـود، الرحـيب، النضـر!

فميـدي – كمـا شيت – فوق الحقول،

بحــلو الثمــار وغــض الزهــر

ونــاجي النســيم، ونـاجي الغيـوم،

ونــاجي النجــوم، ونـاجي القمـر

ونـــاجي الحيـــاة واشــواقها،

وفتنــة ذلك الوجــود الاغــر

وشـف الدجـى عـن جمال عميـق،

يشــب الخيــال، ويــذكي الفكـر

ومــد عـلى الكـون سـحر غـريب

يصرفــــه ســـاحر مقتـــدر

وضـاءت شـموع النجـوم الوضـاء،

وضــاع البخــور، بخـور الزهـر

ورفــرف روح، غــريب الجمـال

باجنحــة مــن ضيــاء القمــر

ورن نشـــيد الحيـــاة المقـــد

س فــي هيكـل، حـالم، قـد سـحر

واعلــن فــي الكـون: ان الطمـوح

لهيـــب الحيــاة، وروح الظفــر

اذا طمحـــت للحيـــاة النفــوس

فــلا بــد ان يســتجيب القــدر

عذبة انت

عذبة انت كالطفولة ، كالاحلام

كاللحن، كالصباح الجديد

كالسماء الضحوك كالليلة القمراء

كالورد، كابتسام الوليد

يا لها من وداعة وجمال

وشباب منعم املود!

يا لها من طهارة ، تبعث التقديـ

ـس في مهجة الشقي العنيد!..

يالها رقة تكاد يرف الور

د منها في الصخرة الجلمود!

اي شيء تراك؟ هلى انت “فينيس”

تهادت بين الورى من جديد

لتعيد الشبان والفرح المعسول

للعالم التعيس العميد!

ام ملاك الفردوس جاء الى الار

ض ليحيي روح السلام العهيد!

انت..، ما انت؟ انت رسم جميل

عبقري من فن ذلك الوجود

فيك ما فيه من ايهام وعمق

وجمال مقدس معبود

انت.. ما انت؟ انت فجر من السحر

تجلى لقلبي المعمود

فاراه الحياة في مونق الحسن

وجلى له خفايا الخلود

انت روح الربيع، تختال فـ

الدنيا فتهتز رايعات الورود

وتهب الحياة سكرى من العطر،

ـر، ويدوي الوجود بالتغريد

كلما ابصرتك عيناي تمشين

بخطو موقع كالنشيد

خفق الفواد للحياة ، ورف الزهـ

ر في حقل عمري المجرود

وانتشت روحي الكييبة بالحب

وغنت كالبلبل الغريد

انت تحيين في فوادي ما قد

مات في امسي السعيد الفقيد

وتشيدين في خرايب روحي

ما تلاشى في عهدي المجدود

من طموح الى الحسن الى الفن،

الى هذا الفضاء البعيد

وتبثين رقة الشوق، والاحلام

والشدو، والهوى ، في نشيدي

بعد ان عانقت كابة ايامي

فوادي، والجمت تغريدي

انت انشودة الاناشيد، غناك

اله الغناء، رب القصيد

فيك شب الشباب، وشحه السحر

وشدو الهوى ، وعطر الورود

وتراءى الجمال، يرقص رقصا

قدسيا، على اغاني الوجود

وتهادت في لافق روحك اوزان

الاغاني، ورقة التغريد

فتمايلت في الوجود، كلحن

عبقري الخيال حلو النشيد:

خطوات، سكرانة بالاناشيد،

وصوت، كرجع ناي بعيد

وقوام، يكاد ينطق بالالحان

في كل وقفة وقعود

كل شيء موقع فيك، حتى

لفتة الجيد، واهتزاز النهود

انت..، انت الحياة ، في قدسها

السامى ، وفي سحرها الشجي الفريد

انت..، انت الحياة ، في رقة

الفجر في رونق الربيع الوليد

انت..، انت الحياة كل اوان

في رواء من الشبان جديد

انت..، انت الحياة فيك وفي عينيـ

وفي عينيك ايات سحرها الممدود

انت دنيا من الاناشيد والاحلام

والسحر والخيال المديد

انت فوق الخيال، والشعر، والفن

وفوق النهى وفوق الحدود

انت قدسي، ومعبدي، وصباحي،

وربيعي، ونشوتي، وخلودي

يا ابنة النور، انني انا وحدي

من راى فيك روعة المعبود

فدعيني اعيش في ظلك العذب

وفي قرب حسنك المشهود

عيشة للجمال والفن والالهام

والطهر، والسنى ، والسجود

عيشة الناسك البتول يناجي الر

ب في نشوة الذهول الشديد

وامنحيني السلام والفرح الرو

حي يا ضوء فجري المنشود

وارحميني، فقد تهدمت في كو

ن من الياس والظلام مشيد

انقذيني من الاسى ، فلقد امسيـ

ـت لا استطيع حمل وجودي

في شعاب الزمن والموت امشي

تحت عبء الحياة جم القيود

واماشي الورى ونفسي كالقبر،

ـر، وقلبي كالعالم المهدود

ظلمة ، ما لها ختام، وهول

شايع في شكونا الممدود

واذا ما استخفني عبث الناس

تبسمت في اسى وجمود

بسمة مرة ، كاني استل

من الشوك ذابلات الورود

وانفخي في مشاعري مرح الدنيا

وشدي من عزمي المجهود

وابعثي في دمي الحرارة، علي

اتغنى مع المنى من جديد

وابث الوجود انغام قلب

بلبلي، مكبل بالحديد

فالصباح الجميل ينعش بالدفء

حياة المحطم المكدود

انقذيني، فقد سيمت ظلامي!

انقذيني، فقد مللت ركودي

اه يا زهرتي الجميلة لو تدرين

ما جد في فوادي الوحيد

في فوادي الغريب تخلق اكوان

من السحر ذات جمال فريد

وشموس وضاءة ونجوم

تنثر النور في فضاء مديد

وربيع كانه حلم الشاعر

في سكرة الشبان السعيد

ورياض لا تعرف الحلك الداجي

ولا ثورة الخريف العتيد

وطيور سحرية تتناغى

باناشيد حلوة التغريد

وقصور كانها الشفق المخضوب

او طلعة الغداة الوليد

وغيوم رقيقة تتادى

كاباديد من نثار الورود

وحياة شعرية هي عندي

صورة من حياة اهل الخلود

كل ذلك يشيده سحر عينيك

والهام حسنك المعبود

وحرام عليك ان تهدمي ما

شاده الجمال في القلب العميد

وحرام عليك ان تسحقي امـ

ـال نفس تصبو لعيش رغيد

منك ترجو سعادة لم تجدها

في حياة الورى وسحر الوجود

فالاله الكبير لا يرجم العبد

اذا كان في جلال السجود

اراك فتحلو الحياة

اراك، فتحلو لدي الحياة

ويملا نفسي صبيحة الامل

وتنمو بصدري ورود، عذاب

وتحنو على قلبي المشتعل

ويفتنني فيك فيض الحياة

وذاك الشباب، الوديع، الثمل

ويفتنني سحر هذه الشفاه

ترفرف من حولهن القبل

فاعبد فيك حسن السماء،

ورقة ورد الربيع، الخضل

وطهر الثلوج، وسحر المروج

موشحة بشعاع الطفل

اراك، فاخلق خلقا جديدا

كاني لم ابل حرب الوجود

ولم احتمل فيه عبثا، ثقيلا

من الذكريات التي لا تبيد

واضغاث ايامي، الغابرات

وفيها الشقي، وفيها السعيد

ويغمر روحي ضياء،

رفيق تكلله رايعات الورود

وتسمعني هاته الكاينات

رقيق الاغاني، وحلو النشيد

وترقص حولي امان، طراب

وافراح عمر خلي، سعيد

كاني اصبحت فوق البشر

وتهتز مثل اهتزاز الوتر

فتخطو اناشيد قلبي، سكرى

تغرد، تحت ظلال القمر

اود بروحي عناق الوجود

بما فيه من انفس، او شجر

وليل يفر، وفجر يكر

وغيم، يوشي رداء السحر

السابق
اعداد الأرضي شوكي
التالي
عمل لحم الغنم

اترك تعليقاً