صحة

قصة أصحاب القرية

تعد القصص الإسلامية مليئة بالعبر والمواعظ التى يجب أن نأخذ منها كل ماهو مفيد ونأخذه كنهج فى حياتنا

سورة يس

سورة يس من السور المكية في القرآن الكريم، نزلتْ على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، وهي في الجزء الثالث والعشرين، رقمُها من حيثُ الترتيب في المصحف الشريف 36، عددُ آياتِها 83 آيةً، وسمِّيت بسورة يس لأنها بدأت بأول آيةٍ منها بهذه الكلمة، قال تعالى: “يَس * والقُرآنِ الحَكيمِ” 1)، وفي هذا المقال سنذكرُ قصة أصحاب القرية الذين ذُكروا في سورة يس وبعض ما تضمنته هذه القصة.

قصة أصحاب القرية

قال تعالى في سورة يس: “واضرِبْ لهُمْ مثَلًا أصحَابَ القَريَةِ إذْ جاءهَا المُرسلُونَ * إذْ أرسَلنَا إلَيهِمُ اثنَينِ فكذَّبوهُمَا فعزَّزنَا بثالِثٍ فقَالُوا إنَّا إلَيكمْ مرسلُونَ * قالُوا ما أنتُمْ إلَّا بشَرٌ مِثلُنَا ومَا أنزَلَ الرَّحمنُ منْ شيْءٍ إنْ أنتُمْ إلَّا تكذِبُونَ * قالُوا ربُّنَا يعلَمُ إنَّا إلَيكُمْ لمُرسَلُونَ * ومَا علَينَا إلَّا البلَاغُ المُبينُ” 2)، ذكرَ الله تعالى قصة أصحاب القرية في سورة يس وقد اختلف المفسِّرون حول أولئكَ الرسل الذينَ جاؤوا إلى القرية، واختلفوا حول اسمِ القرية أيضًا. قال الطبري في ذلك: “القرية هي أنطاكية وقد ضربها الله مثلًا.

واختلف أهل العلمِ في هؤلاء الرسل الذين أتَوا إلى القرية وفي من أرسلهم، فقال البعض: أنَّهم رسلُ عيسى -عليه السلام- أرسلهم إلى القرية، وبهذا قال قتادة -رحمه الله-، وقال القرطبي: هذه القرية هي أنطاكية حسب قول معظم المفسِّرين، ويقال كان فيها فرعون يقال له: أنطيخس يعبدُ الأصنام فأرسل الله إليه ثلاثةَ رسل وهم: صادق وصدوق وشلوم. والرجلُ الذي جاء من أقصى المدينة هو: حبيب بن مري، كما قال القرطبي، وكان نجَّارًا، وقيل قصَّارًا، وقال ابن عباس ومجاهد ومقاتل: هو حبيب بن إسرائيل النجَّار وكان ينحت الأصنام، وقال قتادة: كان يعبدُ الله في غار فلمَّا سمعَ بقدوم المرسلين خرجَ يسعى إليهم، فقال لهم: هل تأخذون أجرًا على ما جئتم به؟، قالوا: لا ما أجرنا إلا على الله، فآمن بما جاؤوا به وصدَّقهم، والله تعالى أعلم 3).

مضامين قصة أصحاب القرية

في قصة أصحاب القرية الكثيرُ من العِبر والفوائد التي يجبُ على المسلمينَ الأخذ بها، فقد ضرب الله تعالى هذه القصة مثلًا حتَّى يأخذَ منهَا النَّاس جميعًا العِبرةَ والعظة، قال تعالى: واضرِب لَهُم مَثلًا أصحَابَ القَريةِ إذ جاءهَا المُرسلونَ” 4)، ومن مضامين القصة التي يمكن أن نشيرَ إليها ما يأتي: 5)

  • الدعوة إلى الله بجدٍّ واجتهادٍ، والسعي إلى ذلك بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة، وهذا يظهر من سعي الرجل من مكانٍ بعيد ليقفَ مع الحقِّ في مواجهة الباطل، قال تعالى: “وجاءَ من أقصَى المَدينة رجلٌ يسعى قالَ يا قَومِ اتَّبعوا المُرسَلِين” 6).
  • ترك المكاسب والأجور الدنيوية، وهذا من أسباب قَبول الدعوة التي يدعوها رجالُ الحق، قال تعالى: “اتَّبعُوا مَن لا يَسألُكُم أَجرًا وهُم مهتَدون” 7).
  • تحثُّ القصة على استخدامِ أسلوب الحوار والإقناع مع الطرف الآخر.
  • أن يتمنَّى الشخصُ الخيرُ للنَّاس المدعوين بدلًا من السخرية والشماتة، قال تعالى: قال يَا ليتَ قومِي يَعلَمون * بمَا غفرَ لي رَبي وجعلني من المكرمين” 8)، يقول ابن عاشور في هذه الآية: لم يلهه دخول الجنَّة عن حال قومه، فقد تمنَّى أن يعلموا ما حلَّ به من نعيم حتَّى يدخلوا في الإيمان،وما تمنَّى هلاكهم ولم يشمت بهم.

تفسير آية واضرب لهم مثلا أصحاب القرية

قال تعالى: “واضرِبْ لهُم مثلًا أصحابَ القريةِ إذْ جاءها المرسلون” 9)، أي واضربْ لقَومكَ المشركين يا محمد مثلًا، وهو أصحاب القرية وهذه القرية هي أنطاكية في قول معظم المفسِّرينَ، وقد اختلفَ المفسِّرونَ أيضًا في الرسل الذين جاؤوا إلى القريةِ كما مرَّ معنا في الفقرة السابقة، فمنهم من قال: إنَّ عيسى -عليه السلام- أرسلَ رجلينِ إلى أنطاكية ثمَّ عزَّزهما برجلٍ ثالث، ومنهم من قالَ: إنَّهم ثلاثةُ رسلٍ أرسلَهم الله تعالى إلى فرعون تلك القريةِ، والله تعالى أعلم 10)

السابق
قصة يونس عليه السلام
التالي
قصة هارون عليه السلام

اترك تعليقاً