الصحابة والتابعين

قصة ابو عبيدة عامر بن جراح

هو من أسلم في ساعة واحدة مع  عثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجرّاح، فعرض عليهم النبيّ الإسلام وعرّفهم شرائعه فأسلموا في ساعةٍ واحدةٍ

أبو عبيدة عامر بن الجراح

هو الصحابيّ الجليل عامر بن عبد الله بن الجرّاح بن هلال بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، أمّه أميمة بنت غنم بن جابر بن عبد العزّى بن عامرة بن عميرة بن وديعة، اجتمع في النسب مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في فهر، ومن صفاته أنّه رجل نحيف، ومعروق الوجه، وخفيف اللحية ، وطويل القامة، وأثرم الثنيتين، وكان من السّابقين إلى الإسلام حيث انطلق مع مجموعة من الصّحابة إلى الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- لمّا سمعوا بدعوته، وكان من بينهم: عثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجرّاح، فعرض عليهم النبيّ الإسلام وعرّفهم شرائعه فأسلموا في ساعةٍ واحدةٍ، وكان ذلك قبل أن يتخذ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- دار الأرقم محلّاً لجلوسه مع أصحابه، ويعدّ أبو عبيدة أحد العشرة المبشّرين بالجنّة، وشهد مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بدراً وأحداً والمشاهد كلّها، وكان ممّن ثبت مع رسول الله يوم أُحد، وكان يبلي بلاء حسناً، وكان من أحبّ النّاس إلى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ إذا سأله عمرو بن العاص عن أحبّ الناس إليه؛ فقال: (عائشةُ، قيل: مِن الرِّجالِ؟ قال: أبو بكرٍ، قيل: ثمَّ مَن؟ قال: عمَرُ، قيل: ثمَّ مَن؟ قال: أبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ).[١][٢][٣]

مواقف من حية أبي عبيدة

زخرت حياة الصحابيّ الجليل أبي عبيدة بمواقف البطولة والعظمة والتضحيات، منها:[٢][٤]

  • شارك أبو عبيدة -رضي الله عنه- في غزوة بدر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان أبوه حينئذٍ في صفوف المشركين وحاول أن يقاتل ابنه أبا عبيدة، ولكنّ أبا عبيدة كان يحيد عنه ولا يريد أن يقتله، فلمّا أكثر أبوه المُحاولات في ضربه، ردّ عليه أبو عبيدة ضربته فقتله، فقُتل والده ونزل قول الله تعالى: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ).[٥]
  • ثبت أبو عبيدة بن الجرّاح -رضي الله عنه- في غزوة أُحد أمام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد أن انهزم المسلمون وتراجع الكثير منهم، ودفع ثنيته فداء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما غارت حلقتان من حلق المغفر في وجه الرسول عليه الصلاة والسلام، فلم يشأ أبو عبيدة أن يخرجهما بيديه خشية إيلام رسول الله، فشدّ الأولى بأسنانه فسقطت ثنيته على الأرض، ثمّ شدّ الحلقة الأخرى من الجهة المقابلة بأسنانه فسقطت ثنيته الثانية أرضاً، وقيل عنه إنّه صار أجمل بعد أن سقطت ثنيّته في سبيل الله -تعالى- ورسوله الكريم.
  • اختار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أبا عبيدة عندما جاءه رجلان من نجران يطلبان منه أميناً، حيث ورد في صحيح البخاري: (وابعثْ معنا رجلاً أميناً، ولا تبعثْ معنا إلّا أميناً، فقال: لأبعثنَّ معكم رجلاً أميناً حقَّ أمينٍ)،[٦] فرغب كلّ واحد من الصّحابة أن يكون من اختيار الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- لينال الشرف العظيم، فقال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (قُمْ يا أبا عبيدةِ بنِ الجراحِ، فلمّا قام، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: هذا أمينُ هذهِ الأمّةِ).[٦]
  • وضع عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أربعمئة دينار في صرّة ثمّ أعطاها لغلام ليوصلها إلى أبي عبيدة ليرى ما يصنع بها، فحين وصلت إلى أبي عبيدة بدأ بتقسيمها على جواريه والمحتاجين حتى أنفقها كلّها، وكان غلام عمر بن الخطاب ينظر إليه، فعاد الغلام إلى ابن الخطّاب وأخبره بما رأى فسُرّ عمر بن الخطاب بذلك.
  • كان أبو عبيدة أميراً على الشام في خلافة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فنزل يوماً أمير المؤمنين إلى الشام ودخل بيت أبي عبيدة، فلم يجد فيه إلّا كُسيرات من الخبز والقليل من المتاع، فبكى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقال له: (غيّرتنا الدنيا كلّنا، غيرك يا أبا عبيدة).
  • كان أبو عبيدة جنديّاً في جيش خالد بن الوليد وهم يخوضون المعارك والفتوحات، فأرسل عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين كتاباً يعزل فيه خالداً وعيّن أبا عبيدة قائداً للجيش، فقال أبو عبيدة لخالد: (والله إنّي كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل، وكلّنا في الله أخوة).[٧]

مكانة أبي عبيدة

تُعدّ مكانة أبي عبيدة بن الجرّاح -رضي الله عنه- رفيعةً عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد استخلفه أكثر من مرّة احتاج فيها أميراً لبعثة ابتعثها؛ منها: بعثه مدداً لعمرو بن العاص في معركة ذات السّلاسل حين شعر عمرو بن العاص بالخوف في غزوته، فأرسل إليه مدداً يضمّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وأمّر على الجميع أبا عبيدة عامر بن الجرّاح، وفي غزوة سيف البحر ولّاه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- على ثلاثمئة رجل في مَهمّة طويلة وشاقّة جعل فيها الإمامة والمسؤوليّة على أبي عبيدة لثقته به وبأمانته، وفي ذلك قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ لكلِّ أمَّةٍ أميناً، وإنَّ أميننَا، أيَّتُها الأمَّةُ، أبو عبيدةَ بنُ الجرَّاحِ)،[٨] وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (نِعْم الرَّجُلُ أبو بكرٍ نِعْم الرَّجُلُ عُمَرُ نِعْم الرَّجُلُ أبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ).[٩][٢][٤]

وفاة أبي عبيدة

كان أبو عبيدة -رضي الله عنه- خارجاً إلى الشام مُجاهداً، فقدّر الله -تعالى- أن يصاب أهل الشام بالطاعون، فأرسل عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- إلى أبي عبيدة يستعجله بالذهاب إليه، وقد كانت حيلةً أراد منها أمير المؤمنين أن يُبعده عن خطر الطاعون، ففهم أبو عبيدة مقصد أمير المؤمنين فأرسل له معتذراً بأنّه لا يستطيع أن يترك الجند، حيث أصابه الطاعون فتوفّي على إثره سنة ثمانية عشر للهجرة، وكان عمره حينئذ ثمانية وخمسون سنة.[٤][١٠]

السابق
معلومات عن وفاة سعد بن ابي وقاص ووصيته
التالي
عدل علي بن أبي طالب

اترك تعليقاً