يجب على كل المسلمين السيرعلى نهج وسنه الرسل والأنبياء والشخصيات الإسلامية الجيدة.
النبي إسحاق عليه السلام
النبي إسحاق هو نبيٌّ من أنبياءِ الله تعالى، وهو ابن النبيِّ إبراهيم -عليهما السلام-من زَوجتهِ سَارة، وهو والدُ النبيِّ يعقوب وأخوه النبيُّ إسماعيلُ -عليهم السلام أجمعين- ومَعنى إسحاق “الضَّحوكُ”، وقيلَ: سُمِّيَ بإسحاق لأنَّ أمَّه ضحكَت عندما بشَّرتها الملائكة بأنَّها حامل به وقد كانت طاعنةً في السنِّ، قال تعالى: “وامرَأَتُهُ قائمَةٌ فضحِكَتْ فبشَّرنَاهَا بإِسحَاقَ ومِن ورَاءِ إسحَاقَ يعقُوبَ” 1)، وسنتحدّث في هذا المقالِ عن قصة النبي إسحاق ومضامينِها ومواضعِ ذكرِه في القرآن الكريم.
قصة النبي إسحاق عليه السلام
كانَ مولِدُ النبي إسحاق -عليه السلام- معجزةً بحدِّ ذاته، فبعدَ أنْ بلغَ سيِّدُنا إبراهيم وزوجتهُ سارة من العمرِ عتيًّا، وبعدَ أن فقدَا الأمل بأن يكونَ لهما ولدٌ، أرسل الله تعالى ملائكتَه لتبشِّرُهما بمولودِهما القادمِ، وكانت الملائكةُ في طريقِها إلى قومِ لوطٍ لتقومَ بتنفيذِ أوامرِ الله بتدمير مدائن قومِ لوطٍ بسبب كفرهم وفجورهِم، وأكَّدت البشرى أنَّ هذا المولود سيكون نبيًّا من الصالحين، وسيكون من نسلِه النبيُّ يعقوب وأبناؤه، قالَ تعالَى: “فبشَّرنَاهَا بإسحَاقَ ومِن وَراءِ إسْحاقَ يَعقوبَ” 2)، وقال أيضًا: “وهبنَا له إسحاقَ ويعقوبَ وكلًّا جعلنا نبيًّا” 3)، وقد كان ميلادُه بعدَ سنواتٍ من ولادة أخيه إسماعيل -عليهما السلام-، وقد قرَّ قلبُ سارة بمولدِ إسحاق ومولِدِ يعقوب من بعدِه، -عليهم السلام أجمعين-. 4)
مضامين قصة النبي إسحاق عليه السلام
تؤكدُ قصة النبي إسحاق على قدرة الله تعالى المطلقة؛ لأنَّه تعالى يفعل ما يشاء دون قيدٍ أو شرطٍ وخارج الأسباب والمسبِّبات الدنيوية، فعندما بشَّرت الملائكةُ سارة بالمولود قالت كما وردَ في قولِه تعالى: “قالَتْ يا ويْلَتَي أأَلِدُ وأَنَا عَجوزٌ وَهذَا بعلِي شيْخًا إنَّ هذَا لشَيْءٌ عجِيبٌ” 5)، فردَّت عليها الملائكةُ مبيِّنةً قدرة الله تعالى المطلقةَ: “قالُوا أتعْجَبِينَ منْ أمرِ اللَّهِ رحْمَتُ اللَّهِ وبرَكَاتُهُ عليْكُمْ أهلَ البَيتِ إنَّهُ حمِيدٌ مجيدٌ”6)، وتدلُّ القصَّةُ على أنَّ الإنسانَ يجب ألَّا يقطعَ الأملَ والرجاءَ من الله تعالى وأنْ يلجأَ إلى الدعاءِ موقنًا بإجابةِ الله تعالى له، وأن يشكرَ ربَّه بعدَ أن يرزقَه، قال تعالى: “الحَمدُ للهِ الذِي وَهبَ لِي علَى الكِبرِ إسْماعيلَ وإسْحاقَ” 7).
وتبيِّن القصة أن النبيَّ إسحاق لم يكُن الذبيح الذي أمرَ الله نبيَّه إبراهيم بذبحِه كما تشيرُ بعضُ الأقوال، ففي قوله تعالى: “فبشَّرْنَاهُ بغلَامٍ حلِيمٍ * فلَمَّا بلَغَ معهُ السَّعيَ قالَ يا بنَيَّ إنِّي أرى في المنَامِ أنِّي أذبَحُكَ فانظُرْ ماذَا ترَى قالَ يا أبَتِ افعَلْ ما تؤْمَرُ ستَجدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ منَ الصَّابرينَ * فلَمَّا أسلَمَا وتَلَّهُ للجَبِينِ* ونَادَيْنَاهُ أنْ يَا إِبراهِيمُ * قدْ صدَّقتَ الرُّؤيا إنَّا كذلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ * إنَّ هَذا لهوَ البلَاءُ المبِينُ * وفَديْنَاهُ بذِبْحٍ عظِيمٍ * وترَكْنَا علَيْهِ في الآخِرِينَ * سلامٌ علَى إبرَاهِيمَ * كذلِكَ نجزِي المُحسِنِينَ* إنَّهُ منْ عبادِنَا المؤْمِنِينَ * وبشَّرْنَاهُ بإسحَاقَ نبِيًّا منَ الصَّالحينَ” 8)، في هذه الآيات دلالةٌ على أنَّ النبي إسماعيل هو المقصود بالذبحِ لأنَّ الآياتِ تشيرُ في نهايتِها إلى بشرَى ولادةِ إسحاق عليه السلام. 9)
مواضع ذكر النبي إسحاق في القرآن الكريم
وردَ ذكرُ نبيِّ الله إسحاق -عليه السلام- في القرآن الكريم سبع عشرة مرة، حيثُ ورد ذكرُهُ ثلاث مرَّاتٍ في سورة البقرة، قال تعالى: “قالُوا نعبُدُ إلهكَ وإلهَ آبائِكَ إبراهيمَ وإسْماعِيلَ وإسْحاقَ” 10)، وقال تعالى: “ومَا أُنزِلَ إلينا وما أنزِلَ إلى إبراهيمَ وإسْماعيلَ وإسْحاقَ ويَعقوبَ والأسْباطِ” 11)، وقال تعالى: “أَمْ تقولونَ إنَّ إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويعقوبَ والأسباطَ كانوا هُودًا أو نَصارَى”12)، ووردَ ذكرُه مرَّتيْن في سورة الصافَّات؛ قال تعالى: “وبشَّرناهُ بإِسحاقَ نبيًّا من الصَّالحين” 13)، وقال تعالى: “وباركنَا عَليهِ وعَلى إسحَاق” 14)، ومرَّتيْن في سورة هود، قال تعالى: “فبشَّرناها بإسْحَاقَ ومِن وَراءِ إسْحاقَ يَعقوب” 15)، ومرَّتيْن في سورةِ يوسف، قال تعالى: “كمَا أتمَّها على أبويكَ من قبلُ إبراهيمَ وإسحاقَ” 16)، وقال تعالى: “واتَّبَعتُ ملَّةَ آبائِي إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ” 17)، ووردَ ذكرُه مرَّةً واحدةً في كلٍّ من السورة التالية: “آل عمران، النساء، الأنعام، إبراهيم، مريم، الأنبياء، العنكبوت