شعر عربي

قصيدة انشودة المطر

التعرف على قصيدة انشودة المطر

معلومات عن قصيدة انشودة المطر

نبذه عن قصيدة انشودة المطر

ان قصيدة انشودة المطر هى قصيدة سياسية من قصايد الشاعر العراقي بدر شاكر السياب

تحليل قصيدة انشودة المطر

قبل فحص القصيدة، ما هو المضمون او الموضوع الرييس فيها؟

مضمون القصيدة

يتحدث الشاعر عن امراة، قد تكون امراة حقيقة يقصدها، او انه يشبه جمهورية العراق بالمراة الفاتنة، فيصف عينيها بالنخيل في الظلام، و بالشرفة عد انسحاب القمر بعيدا عنها، فتغرق في ظلام الليل، فالشجر يكتسب اللون الاخضر، وتتراقص الاضواء في صفحة الماء لتشبه الاقمار، وكان النجوم تتلالا في محجر العين، الا ان هاتان العينان تغرقان في حزن يتشابه وحزن البحر في مرحلة المساء. فتضم الصورة تناقضات دفء الشتاء، وذبول الخريف، اضافة الى الموت، والميلاد، والعتمة، والضياء. كل تلك الصور تسبب احتياج لازمة في نفس الشاعر بالبكاء، وشعورا اخر بالنشوة التي ترتقي بروحه الى عنان السماء، كنشوة طفل شده حسن القمر واخافه من الغموض الذي يحتويه.

يملا الشاعر في تلك اللحظة المتزامنة مع نزول المطر فرحة اطفال في بلاده، وسعادتهم وسط كروم العنب استبشارا بسقوط المطر، كما يشعر بصغار العصافير وفي ذلك الحين احست كما الاطفال باللحظة، وتمنت ان يكون نزول المطر وشيكا ايضا، لكن وهتفت معهم (مطر) املا واستبشارا بقدومه. (2)

تحليل القصيدة

سقط المطر، وجاء النهار، ورحل المساء، وجادت السماء بمطر يتشابه والدموع المقهورة، فتتقارب صورة نزول المطر وهذيان طفل فقد امه، فبحث عنها في كل مقر دون جدوى، وعندما سال عنها طمانه الجميع انها سترجع ولن يمتد بها الغياب، الا انهم يتهامسون فيما بينهم بما حصل لها، فقد ماتت ودفنت منذ زمن، وتشربت الامطار الى داخل قبرها. وتتوافق صورة الطفل ذلك بالصياد الحزين الذي لا يياس من توالي مسعى صيد الاسماك كل يوم مدندنا بالالحان، وهما صورتان تتشابهان وامنية الشاعر بان يكون المطر طليعة الخير على جمهورية العراق واهلها.

يظهر لنا في القصيدة ان المطر بدلا من ان يكون سببا في فرح الشاعر فقد كان مسببا للحزن، وفي ذلك الحين سحب حزن الشاعر ذلك المزاريب التي تسرب من خلالها المطر، واصفا حدث المطر على الفرد المفرد، وكيف يشعره بالضياع بدلا من ان يشعره بالطمانينة. فالمطر يشبه الدم المسفوك في الشوارع، ويشبه جياع العراق، والحب والاطفال، وحتى الموتى. ويتذكر الشاعر العينين اللتين ذكرهما في البداية، فما زال يرى عينيها، وما زال يرى امواج الخليج، والرعود التي تمسح شواطي جمهورية العراق بالنجوم واللولو من اثناء عينيها، وكان تلك الشواطي واهلها يسعون الى الوقوف من الواقع المر الذي يعيشون فيه، ويودون تغييره الى الافضل، الا ان الليل والظلم يغطي الشواطي، وفي تلك اللحظة يتدخل الشاعر مناديا الخليج الذي يهب اللولو والمحار والموت لاهله، ليجود عليهم بالخير، غير ان صيحته ترتد راجعة له كالبكاء، مرددة نفس الصيحة دون تلبيتها.

ومع هذا لا يياس الشاعر من وقوع المطر طمعا بتغير الاوضاع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية السيية، فتراه يسمع صوت جمهورية العراق واهله وهم يخزنون الحزن والثورة في كل بقعة من بقاع ارض العراق، يترقبون يوما يعصف فيه بكل الطغاة، ولا يبقون لهم اثرا على ارض الوطن.

يتصور الشاعر ان المطر قد تساقط على نخل العراق، وقام النخل بامتصاص مقادير المطر النازلة عليه جميعها، كما يتخيل، لكن يسمع صوت انين اهل القرى وشكواهم، ويرى من هاجر ورحل عن الوطن وهم يرجعون اليه، يصارعون عواصف الخليج العاتية بمجاذيفهم وصواري القوارب، هدفهم الوصول الى شط الامان، يغنون للمطر الذي يشكل عنوان خلاصهم من الماسي التي تحيط بهم.

ومع ايمان الشاعر وايمانهم بان المطر سينزل بالتاكيد، الا ان نزوله لن يحل ما يواجهونه من مشاكل، كالفقر، والقهر، والجوع ، فبالرغم من وقوع المطر، وجودة مواسم الحصاد، الا انهم مازالوا يتكبدون من الجوع والفقر، لان خيرات المحاصيل لن ترجع على المزارعين والحصادين، لكن سيجنيها الغربان والجراد المستعمرين للبلاد، ليشبعوا ويزيدوا من ثرواتهم، في حين يحصل الشعب على الفتات. ونرى الشاعر يبدي تفاولا نحو اوضح اصرار هولاء البوساء على امل نزول المطر الذي سيغير البوس، ويسحق الظلم.

ويستذكر السياب بمناسبة نزول المطر صورة الساكن عندما يرحل من وطنه طلبا للرزق او هربا من الظلم. وما زال يستذكر طفولته كان يرى الغيوم شتاء، ويراقب نزول المطر، وقد كانت الارض تهتز بقطراته وتربت بالزرع الاخضر، الا ان جوع الشعب مازال دايما رغم كثرة الخير، وكان هذا يتكرر كل عام ايضا.

ومع كل الاحوال التي تحيط بالشعب العراقي الا انهم مازالوا يفرحون بالمطر، وكانه في نظرهم سيغسل ارض جمهورية العراق ويطهرها من مكابدة الظلم والقهر. فتجد ان المطر ات لا محالة، وان طيف الوان ذلك المطر بدات ترتسم على الازهار والنباتات البلاد بجميع الوانها، كما بدت ترتسم على وجوه ابناء الشعب الجياع، وان كل قطرة من الدماء ستتحول الى امل على ثغر الطفل الذي سيولد، هذا الذي يحمل في دمايه الاصرار على التغيير، والثورة على الواقع، لهدم مجد الظالمين.

فالخليج في نظر الشاعر يهب اهل بلده اللولو والمحار الثمين، وهو في الوقت نفسه يهب الارض املاحا لا استفادة منها، ويرمي على الشواطي عظام صياد فقير قضى نحبه فيه وهو يغوص في الاعماق مصارعا الامواج، وفي المقابل، ترى في جمهورية العراق الاف الافاعي التي لا تقوم الا بامتصاص دماء الفقراء، والتمتع بخيرات العراق. وما زال الشعار لا يجد الا صدى صوته ينادي بالخليج راجيا منه قدوم المطر، راجيا ان المطر تلك النرة سوف يكون هو ما سيحقق تضحيات الشعب، املا ان يكون نزول المطر هو الامل الذي ينتظره الجميع وان امله في وقوع المطر سوف يكون الانتقام لكل من الحق الاذى بابناء الشعب. (3)

اسلوب القصيدة

استخدم الشاعر في تلك القصيدة طرق متنوعة كي يرسم صورا واقية يعيشها شعبه وامته، وعبر في ذات الوقت ذاته عن صراع تلك الامة من اجل الوصول الى حلمها في الثورة على الظلم، وتغيير الشقاء الذي يحيط بها وتعيش فيه، حتى ترسم مستقبلها كما ترغب في هي، لا كما يريده غيرها لها. ان التنوع في قوالب عرض الازمات التي اراد الشاعر التعبير عنها انما هو نابع من الادوار التي تقطن فيها الامة، كما انه يعاون على جذب انتباه ابناء امته اليها، وسيكون له اثر فاعل في ايمان الابناء بوجوب التغيير، والتبشير به والعمل على تحقيقه حتى النهاية.

استعمل الشاعر طريقة التصوير القايم على التشابه بين الماديات والمعنويات، كما عمد الى استثمار الصور المتناقضة، واستخدام طريقة الطلبية من استفهام، وتعجب، وتقرير، ونداء، ومقارنة، وتكرار الالفاظ والمقاطع.

كانت الصور مستمدة من البيية، من الخليج، والغيوم، والمطر، والصيادين، والمحار، واللولو، والموتى على الشواطي، والنخيل وهو يشرب المطر، وقطرات المطر الملونة، والارض الحبلى بالخيرات، وغيرها العديد من صور الارض والسماء والانسان. (4)

نص قصيدة انشودة المطر

عيناك غابتا نخيل ساعة السحر ،

او شرفتان راح يناى عنهما القمر .

عيناك حين تبسمان تورق الكروم

وترقص الاضواء … كالاقمار في نهر

يرجه المجذاف وهنا ساعة السحر

كانما تنبض في غوريهما ، النجوم …

وتغرقان في ضباب من اسى شفيف

كالبحر سرح اليدين فوقه العشية ،

دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،

والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛

فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء

ونشوة وحشية تعانق السماء

كنشوة الطفل اذا خاف من القمر !

كان اقواس السحاب تشرب الغيوم

وقطرة فقطرة تذوب في المطر …

وكركر الاطفال في عرايش الكروم ،

ودغدغت صمت العصافير على الشجر

انشودة المطر …

مطر …

مطر …

مطر …

تثاءب العشية ، والغيوم ما تزال

تسح ما تسح من دموعها الثقال .

كان طفلا اصبح يهذي قبل ان ينام :

بان امه – التي افاق منذ عام

فلم يجدها ، ثم حين لج في السوال

قالوا له : “بعد غد ترجع .. ”

لا بد ان تعود

وان تهامس الرفاق انها هناك

في منحى التل تنام نومة اللحود

تسف من ترابها وتشرب المطر ؛

كان صيادا حزينا يجمع الشباك

ويلعن المياه والقدر

وينثر الغناء حيث يافل القمر .

مطر ..

مطر ..

اتعلمين اي حزن يبعث المطر ؟

وكيف تنشج المزاريب اذا انهمر ؟

وكيف يشعر الاوحد فيه بالضياع ؟

بلا ختام – كالدم المراق ، كالجياع ،

كالحب ، كالاطفال ، كالموتى – هو المطر !

ومقلتاك بي تطيفان مع المطر

وعبر امواج الخليج تمسح البروق

سواحل جمهورية العراق بالنجوم والمحار ،

كانها تهم بالشروق

فيسحب الليل عليها من دم دثار .

اصيح بالخليج : ” يا خليج

يا واهب اللولو ، والمحار ، والردى ! ”

فيرجع الصدى

كانه النشيج :

” يا خليج

يا واهب المحار والردى .. ”

اكاد اسمع جمهورية العراق يذخر الرعود

ويخزن البروق في السهول والجبال ،

حتى اذا ما فض عنها ختمها الرجال

لم تترك الهواء من ثمود

في الواد من اثر .

اكاد اسمع النخيل يشرب المطر

واسمع القرى تين ، والمهاجرين

يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،

عواصف الخليج ، والرعود ، منشدين :

” مطر …

مطر …

مطر …

وفي جمهورية العراق جوع

وينثر الغلال فيه موسم الحصاد

لتشبع الغربان والجراد

وتطحن الشوان والحجر

رحى تدور في الحقول … حولها بشر

مطر …

مطر …

مطر …

وكم ذرفنا ليلة الرحيل ، من دموع

ثم اعتللنا – رهاب ان نلام – بالمطر …

مطر …

مطر …

ومنذ ان كنا صغارا ، قد كانت السماء

تغيم في الشتاء

ويهطل المطر ،

وكل عام – حين يعشب الثرى – نجوع

ما مر عام والعراق ليس فيه جوع .

مطر …

مطر …

مطر …

في كل قطرة من المطر

حمراء او صفراء من اجنة الزهر .

وكل دمعة من الجياع والعراة

وكل قطرة تراق من دم العبيد

فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد

او حلمة توردت على فم الوليد

في عالم الغد الفتي ، واهب الحياة !

مطر …

مطر …

مطر …

سيعشب جمهورية العراق بالمطر … ”

اصيح بالخليج : ” يا خليج ..

يا واهب اللولو ، والمحار ، والردى ! ”

فيرجع الصدى

كانه النشيج :

” يا خليج

يا واهب المحار والردى . ”

وينثر الخليج من هباته الكثار ،

على الرمال ، : رغوه الاجاج ، والمحار

وما توجد من عظام بايس غريق

من المهاجرين استمر يشرب الردى

من لجة الخليج والقرار ،

وفي جمهورية العراق الف افعى تشرب الرحيق

من زهرة يربها الفرات بالندى .

واسمع الصدى

يرن في الخليج

” مطر ..

مطر ..

مطر ..

في كل قطرة من المطر

حمراء او صفراء من اجنة الزهر .

وكل دمعة من الجياع والعراة

وكل قطرة تراق من دم العبيد

فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد

او حلمة توردت على فم الوليد

في عالم الغد الفتي ، واهب الحياة . ”

ويهطل المطر ..

السابق
شعر صلاح جاهين
التالي
شعر فراق الحبيب

اترك تعليقاً