فى هذا المقال نتعرف على تربية الابناء وما هى اسس تربية الابناء
هل تحتاج تربية الأبناء حقًا إلى قواعد ملزمة تسير عليها الأم؟ هل ما يصلح لتربية طفل يصلح لكل الأطفال؟ هل نربي أبناءنا وفق قواعد نظرية أم حسب طبيعة كل طفل وبيئته وملكاته العقلية والبدنية والنفسية؟
تربية الأبناء تجربة شاقة تحتاج قواعد إرشادية وليست ملزمة، لا سيما في هذا العصر المعقد المركب الذي تتضاءل فيه أدوار بقية مؤسسات التربية مثل المدارس والمساجد والأندية ومؤسسات رعاية الأطفال.
ومن هنا فإن وجود أدلة ونماذج وخبرات تربوية يساعد الوالدين على فهم أفضل لعملية التربية ومنطلقاتها، ويضع بين يدي المربين خارطة قد يجدوا فيها بعض النقاط المضيئة والعلامات الهادية في رحلة العمر دون أن يعني ذلك أنّ الأطفال سواء في كل الأمور، وأنهم يتشابهون جميعًا.
5 قواعد في تربية الأبناء يجب أن تعرفها كل أم
حرصنا في أن نجمع أهم 5 قواعد في تربية الأبناء تخاطب الوالدين والأمهات خاصة؛ لأننا نؤمن أن التربية الناجحة تتطلب مربيًا ناجحًا.
وإذا أقررنا بتمايز الأطفال واختلاف كل طفل عن الآخر حتى داخل الآسرة الواحدة، فإننا نقرّ أن احتياجات التربية واحدة، والمفاهيم التي يحتاج إليها الوالدان تكاد أن تكون متطابقة.
-
العاطفة وحدها لا تكفي
يستهل مقدمو النصائح التربوية في الغالب نصائحهم بدعوة الوالدين إلى تكثيف جرعات الحبّ لأطفالهم، وأن يعتمدوا العاطفة أساسًا في عملية التربية والقاعدة الوحيدة التي لا يجب خرقها.
ونحن إذ نتفق معهم في هذا فإننا نضيف عليه أن الحب وحده لا يكفي، والعاطفة بمفردها لا تنشء طفلًا يتمتع بالصفات اللازمة للنجاح في الحياة.
إغراق الطفل بالعاطفة وتركه يفعل ما يريد وقتما يريد دون ضوابط وقواعد أو تهذيب وتقويم ينشئ طفلًا فوضويًا غير قادر على تحمل المسؤولية، لا يمتلك مؤهلات النجاح في الحياة الاجتماعية والعملية.
اعتماد العاطفة وحدها قاعدة أساسية للتربية أشبه بالسمّ الذي يقدم في شراب العسل، لا يشعر الطفل بخطورته إلا بعد أن يضطر إلى الاعتماد على ذاته؛ فيجد نفسه عاجزًا عن التواصل مع الآخرين، أو بناء علاقات اجتماعية سليمة، أو تبني هدف عملي، أو المثابرة على عمل شاق.
وأنت تغدقين الحب والعاطفة على طفلك تذكري أن هناك أمورًا أخرى يجب غرسها في نفس الطفل مثل الانضباط، التعلم، الالتزام السلوكي والشرعي، احترام الآخر، قيمة العمل والسعي، القدرة على التطور، الثقة في النفس.
-
الاحترام المتبادل
هل تشتكين أن طفلك يتعامل بوقاحة مع الآخرين؟ هل تشتكين من سوء سلوكه معك أو مع والده وإخوته؟ إذن عليك أن تراجعي سلوكك في التعامل معه!
هل تذيلين طلباتك منه بكلمة ’’من فضلك”؟، هل تشكرينه عندما يؤدي لك خدمة أو يستجيب لأوامرك؟
دعيني أسهل عليك الأمر قليلًا؛ إذا كنت تتعاملين مع طفلك كما تتعاملين من زملاء العمل أو الجيران أو الأشخاص الغرباء باحترام صادق يظهر في طريقة الطلب، أو الأمر أو الشكر بعد أداء المهمة فأنت أم ناجحة.
أمّا إذا كنت ممن يعتقدون أن الأبناء يجب أن يساقوا بالأوامر الغليظة المباشرة دون اعتبار لشخصياتهم فأنت تغرسين في طفلك سلوكًا خاطئًا يؤدي إلى تعامله بجلافة وعدم احترام مع الناس.
إذا كان هناك من يستحق الاحترام في هذا العالم كلّه فهم أطفالك لأن ما تغرسيه فيهم اليوم سينعكس عليك وعلى البيئة التي يعيشون فيها غدًا.
جربي أن تغيري طريقتك في مخاطبة أبنائك لتصبح أكثر احترامًا وتهذيبًا وسوف تلحظين الفرق ليس فقط في طريقة مخاطبتهم لك ولكن في سرعة استجابتهم لأوامرك.
مما يعزز الاحترام بين الوالدين والأبناء مشاركتهم وضع قواعد للأسرة، تقبل أراءهم فيما يخصهم، وتقديم القدوة في الالتزام بالاتفاقيات.
من كتاب كبسولات في تربية البنين والبنات
عندما ترغبين في طلب شيء منه، أطلبيه في صيغة السؤال: هل يمكن أن تساعدني في إعداد المائدة؟، عندما تأمريه بسلوك صحيّ ذيليه بكلمة من فضلك: أغسل أسنانك قبل النوم من فضلك.
هذه الطريقة في الحوار لن تضعف من سلطتك على أطفالك وإنما ستخلق مستوى مختلف من العلاقة قائم على الاحترام المتبادل.
-
التعنيف ليس الحل
عندما نخبر الأمهات والآباء أن تعنيف الطفل ولومه على ما نظنّ أن اهمال أو تقصير في أداء الواجبات والتكاليف اليومية ليس حلًا للسلوك الشائن يضجرون ويشككون فيما نقول.
لا تخلط بين تأديب طفلك وبين إذلاله؛ الأول للتقويم والثاني للتحطيم.
من كتاب كبسولات في تربية البنين والبنات
ولهذا من الضروري أن نفصل ونميز بين “التعنيف” و”الحزم”.
التعنيف يستهدف شخصية الطفل بالإساءة إليه، ووصمه بصفات سلبية تترك أثرها المدمر على شخصيته؛ فالأم التي تتهم طفلها بأنه (دائمًا ما يفشل في حلّ الواجب الدراسيّ) أو (لن يتخلى عن الكسل)، أو (لا تهتم أبدًا بمساعدتي) فإنها تصمه بهذه الصفة السيئة حتى يقتنع أنه فعلًا لا يفهم أو كسول أو غير مبال ومن ثمّ يتوقف عن محاولة تغيير نفسه وتعديل سلوكه.
ما البديل؟
البديل الصحيح للتعامل مع الظواهر السلبية للأبناء الحزم والحسم، فالطفل الذي يعرف أن هناك إجراء صارم لا رجعة فيه للسلوك السلبي يبرمج نفسه على الاستجابة الإيجابية.
عندما تنفذ الأم إجراءاتها الصارمة دون تراجع فإن الطفل يدرك العاقبة، ويسلك بالطريقة التي تضمن بقاء الامتيازات.
يحكي ريتشارد تمبلر في أحد كتبه فيقول:
((زرت منزل صديقة ذات مرة لتناول طعام الغداء، وكانت طاولة المطبخ، وهي المكان المفترض لتناول الغذاء، مغطاة بألعاب الأطفال والرسومات والحلوى والمكعبات وأدوات اللعب وأشياء أخرى. عرضت عليها (بعصبية) أن أقوم بتنظيفها، لكنها ردت قائلة: “لا حاجة لذلك، فسوف ينظفها الأطفال”. تساءلت في نفسي كيف ستقدر على أن تجعل الأطفال ينظفون المائدة؛ خاصة أن الطعام كان على وشك التقديم وكانوا هم مشغولين بشيء آخر.
بيد أن صديقتي هذه ذهبت ناحية باب المطبخ وقالت بمرح: “إذا وجدت أي شيء على مائدة المطبخ بعد عشر دقائق فسوف ألقيه في سلة المهملات!”.
ظهر الأطفال على الفور؛ حيث بدا أنهم معتادون على هذا الأمر -وبدا كذلك أنهم عرفوا من مواقف سابقة أنها لم تكن تمزح -وبعد خمس دقائق كانت المائدة جاهزة للغداء، دون تعنيف، لقد قالت ما تريد مرة واحدة وعرفتهم بما سوف يحدث إذا تجاهلوا ما تطلب.))
-
وحدة اتخاذ القرار
قد يبدو هذا عنوانًا توجيهيًا لمؤسسة إدارية أو جهة حكومية وليس قاعدة من قواعد تربية الأبناء لكن إذا نظرت إلى الأسرة على أنها مؤسسة أو منظمة أو شركة فستدرك حتمًا أهمية هذا المفهوم.
نقصد بعنوان (وحدة اتخاذ القرار) أن يكون الوالدان جبهة واحدة في التوجيه والقرارات المتعلقة بالطفل فلا يحدث تضارب بين ما يقوله الأب وما تقوله الأم، أو لا يلغ الوالد قرارًا للأم والعكس بالعكس.
عندما يظهر الوالدان تضاربًا في معايير التقييم يخلقان حالة من عدم التوازن لدى الطفل؛ فيصعب عليه التمييز بين الصواب والخطأ
من كتاب كبسولات في تربية البنين والبنات
إنّ الأمر أشبه بمحل تجاري فيه بائعان؛ فإذا كان أحدهما يبيع نفس السلعة بسعر أقل فسوف يذهب إليه الأبناء ويشترون منه.
وكذلك الأمر في الأسرة إذا كان أحد الوالدين يقدم الخيارات المحببة للأطفال على حساب القيم التربوية فسوف يميلون إليه، ويفقد الطرف الآخر قدرته على التوجيه والإرشاد والتقويم.
عدم التنسيق بين الأب والأم في عملية التربية واتخاذ القرارات يخلق حالة من الفوضى النفسية لدى الطفل، وفي الوقت الذي يظنّ فيه الطرف الذي يحطم القواعد أنه يحوز على حبّ الأطفال فإنه يحطم نموذج القيادة الوالدية.
-
الترغيب مقدم على الترهيب
قواعد تربية الأبناء تنحاز إلى الإيجابية دائمًا، وتدعو الوالدين إلى اعتماد الوسائل التربوية التي ترتقي بنفسية أطفالهم وتحررها لا تقمعها.
وإذا كان عليك أن تختار بين وسيلتي “الثواب” و”العقاب” في تربية أبنائك، فاختر الثواب أولًا وثانيًا وثالثًا ولا تلجأ إلى العقاب إلا بعد أن تستنفد جميع وسائل التحفيز المتاحة.
لا تقصر مدحك للطفل على نتيجة عمله فقط ولكن على سعيه و مجهوده أيضًا حتى لا يتعود على طلب النتائج دون الأخذ بالأسباب.
من كتاب كبسولات في تربية البنين والبنات
وسيلة الترغيب تعني أن تقدم حوافز للطفل ليتصرف وفق خطتك التربوية، وقد يكون هذا الحافز كلمة طيبة (لقد كتبت درسك في وقت قياسي. هذا رائع)، (شكرًا على مساعدتي في حمل الأشياء من السوق).
وقد يكون مكافأة رمزية تشعر الطفل بالتقدير (نجمة ذهبية على حائط السلوك)، أو قد يكون هدية عينية (عشاء خارج المنزل)، (لعبة جديدة)، (نزهة مع صديق).