قصة سيدنا صالح عليه السلام
ناقة سيدنا صالح علية السلام
قصة قوم ثمود والناقة
نقدم بمقالنا قصة سيدنا صالح عليه السلام ومعجزته التى نزلت على قوم ثمود وماذا فعل قوم ثمود بالناقة.
قصص الأنبياء
إن أساسَ معرفة تاريخ الأمم السابقة عند المسلمين هو الوحي، فقد وردتْ قصص الأنبياء في القرآن الكريم
والسنة النبوية، وهما يُعَدّانِ المصدر الرئيس لمعرفة أخبار الأنبياء، وتحمل هذه القصص ما تحتاجه الأمة
من دروس وعِظات، كما أنها تخلو مما كان حشوًا لا فائدة منه كما في كتب بعض المؤرخين،
ويعتبر ما تناقله المؤرخون من أهل الكتاب وغيرهم مصدرًا ثانويًا لمعرفة قصص الأنبياء وأقوامهم
بشرط ألا يتعارض مع ما ورد من الوحي، وسيتم توضيح قصة ناقة صالح -عليه السلام-
كما وردت عن الوحي في هذا المقال.
النبي صالح عليه السلام
هو صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود، أرسله الله تعالى إلى قوم ثمود، وهم قومٌ من العرب بعد قوم عاد، كانوا يسكنون بين الحِجاز وتبوك فيما يسمّى الحِجر، وكان قوم ثمود يعبدون الأصنام، وهناك مرّ بهم النبي صالح -عليه السلام-، فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، فآمن معه القليل وكفر الأكثرية وكان ردهم ساخرًا، 1) كما ورد في قوله تعالى: “كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ﴿٢٣﴾ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ﴿٢٤﴾ أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴿٢٥﴾”. 2)
قصة ناقة صالح عليه السلام
كان قوم ثمود كغيرهم من الأقوام التي كلما جاءهم رسولٌ من عند الله شكّكوا بنبوّته، فقد طلبوا من النبي صالح -عليه السلام- أن يأتي لهم بناقةٍ من صخرة أمامهم، وأن تكون الناقة عشراء طويلة، بالإضافة إلى صفات أخرى عديدة حددوها ظنًّا منهم أن نبيَّهم سوف يعجز ويتراجع عن دعوته لهم، فأخذ صالح -عليه السلام- منهم ميثاقًا بأنه إن أتى بالناقة فسوف يتركون عبادة الأصنام ويتبعونه. 3)
معجزة النبي صالح عليه السلام
دعا صالح -عليه السلام- ربّه أن يُخرج له ناقةً من الصخرة ليقيم الحُجّة على قومه، فاستجاب الله -سبحانه وتعالى- لنداء نبيّه، فأمر الصخرة أن تنفطر فيخرج منها ناقة عشراء كوماء كما أرادها القوم، فلمّا رأوها انبهروا لهذا الحدث العظيم، فآمن كثيرٌ منهم واستمر أكثرهم في الكفر، واتفق صالح -عليه السلام- مع القوم أن تبقى الناقة ترعى في أراضيهم وأن ترد الماء يومًا بعد يوم، فيحتفظ القوم بحاجتهم من الماء في يومهم للغد الذي ترِد فيه الناقة الماء، وقد كانت تسقيهم لبنًا كثيرًا.
أمر صالح -عليه السلام- قومه بعدم المَساس في الناقة، لكن اتفق من كفر منهم أن يعقروها، وكان السبب في قرارهم هو أن هناك امرأة تُدعى صدوق بنت المحيا بن زهير بن المختار، وقد كان زوجها قد أسلم وتركها ، فذهبت لابن عمٍّ لها اسمه مصدع بن مهرج بن المحيا وعرضت عليه نفسها إن عقر الناقة فوافق، واتفق مع ثمانية رجالٍ آخرين أن يعقروا الناقة ففعلوا، 4) فلما علم صالح -عليه السلام- بما حدث قال لقومه: “تَمَتَّعوا في دارِكُم ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذوبٍ ﴿٦٥﴾” 5).
حدثَ قَتْلُ الناقة في يوم الأربعاء، وكما حذّرهم صالح -عليه السلام- أصبحوا يوم الخميس ووجوههم مصفرّة، ثمّ أصبحوا يوم الجمعة ووجوههم محمرّة، في صبيحة يوم السبت أصبحت وجوههم مسوَدّة، فجلسوا مساءً يترقّبون العذاب، فجاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من تحتهم، فأصبحوا في ديارهم جاثمين ولم يبقَ منهم أحدًا إلا امرأة مقعدة كانت ممن عادَوا صالح -عليه السلام-، فوقفت على رجليها من هَول ما رأت وذهبت تجري لتخبر الآخرين بما حدث، وما لبثت أن شربت الماء لتروي عطشها ثم ماتت 6)، وكانت هذه نهاية القوم الظالمين. 7)
مضامين قصة ناقة صالح عليه السلام
إن قصة ناقة صالح -عليه السلام- كغيرها من قصص القرآن تحمل الكثير من الدروس التي تفيد المُتّقين الذين يعتبرون ممن كانوا قبلهم، ومن مضامين القصة الآتي: 8)
- التزام نبي الله صالح -عليه السلام- بالدعوة، فقام بكل الأمور التي تُعينه لتحقيق هدفه.
- أنّ على المسلم أن يبتعد عن الطريق الذي سلكه الظالمين.
- أنّ الإيمان الرّاسخ هو أساس الشجاعة والإقدام على تنفيذ أوامر الله تعالى.
- أنّ على من جعل على عاتقه الدعوة إلى الله، أن يتبع الأسلوب الحكيم.
- أنّ على صاحب النعمة أن يسخرها بما يُرضي الله تعالى وإلا انقلبت النعمة ضدّه.
مواضع ذكر قصة ناقة صالح عليه السلام
تكرر ذكر قصة ناقة صالح -عليه السلام- في مواضع عديدة في القرآن الكريم منها ما ذكرت القصة بالتفصيل ومنها ما أشارت للقصة، وفي الآتي الآيات التي ذكرت قصة ناقة صالح -عليه السلام- بالتفصيل:
- “وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً فَذَروها تَأكُل في أَرضِ اللَّـهِ وَلا تَمَسّوها بِسوءٍ فَيَأخُذَكُم عَذابٌ أَليمٌ ﴿٧٣﴾ وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ عادٍ وَبَوَّأَكُم فِي الأَرضِ تَتَّخِذونَ مِن سُهولِها قُصورًا وَتَنحِتونَ الجِبالَ بُيوتًا فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ ﴿٧٤﴾ قالَ المَلَأُ الَّذينَ استَكبَروا مِن قَومِهِ لِلَّذينَ استُضعِفوا لِمَن آمَنَ مِنهُم أَتَعلَمونَ أَنَّ صالِحًا مُرسَلٌ مِن رَبِّهِ قالوا إِنّا بِما أُرسِلَ بِهِ مُؤمِنونَ ﴿٧٥﴾ قالَ الَّذينَ استَكبَروا إِنّا بِالَّذي آمَنتُم بِهِ كافِرونَ ﴿٧٦﴾ فَعَقَرُوا النّاقَةَ وَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَقالوا يا صالِحُ ائتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ المُرسَلينَ ﴿٧٧﴾ فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحوا في دارِهِم جاثِمينَ ﴿٧٨﴾ فَتَوَلّى عَنهُم وَقالَ يا قَومِ لَقَد أَبلَغتُكُم رِسالَةَ رَبّي وَنَصَحتُ لَكُم وَلـكِن لا تُحِبّونَ النّاصِحينَ ﴿٧٩﴾”. 9)
- “قَالَ هَـذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴿١٥٥﴾ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٥٦﴾ فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ﴿١٥٧﴾ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٥٨﴾”. 10)
- “ وَيا قَومِ هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً فَذَروها تَأكُل في أَرضِ اللَّـهِ وَلا تَمَسّوها بِسوءٍ فَيَأخُذَكُم عَذابٌ قَريبٌ ﴿٦٤﴾ فَعَقَروها فَقالَ تَمَتَّعوا في دارِكُم ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذوبٍ ﴿٦٥﴾ فَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا صالِحًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيُّ العَزيزُ ﴿٦٦﴾ وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ ﴿٦٧﴾ كَأَن لَم يَغنَوا فيها أَلا إِنَّ ثَمودَ كَفَروا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِثَمودَ ﴿٦٨﴾”. 11)