أشعار الحب من نزار قباني
أجمل الأشعار للشاعر نزار القباني
أشعار تغنى بها المطربون
نزار قباني من الشعراء الذين كتبوا عن الحب والفراق وأجمل الشعار التى تغنى بها المطرب كاظم الساهر.
الأغراض الشعرية
يمكنُ تعريف الأغراض الشعرية في الشعر العربيّ على أنَّها المواضيع التي يطرقُها الشاعر في قصيدته،
وهذه الأغراض مختلفة ومتنوّعة في الشعر العربي عبر العصور،
فقد اشتهر المديح والهجاء والفخر في الشعر القديم، واشتهرت المواضيع الفلسفية والعلمية
بعد الاكتشافات الحديثة، ويكاد لا يخلو شعر شاعر من معالجة مسائل الفراق والحب والغزل؛
لأنَّ الفطرة الإنسانية هي التي تألَفُ هذه الأغراضَ وترغبُ بها،
وهذا المقال سيسلّط الضوء على سيرة الشاعر الكبير نزار قباني إضافة إلى الحديث عن شعر نزار قباني
عن الفراق وشعرهِ عن الحب.
سيرة نزار قباني
وُلِدَ الشاعر السوري الدمشقيُّ الكبير نزار قباني في دمشق عام 1923
في يوم الواحد والعشرين من آذار، وهو ابن عائلة من تجار دمشق، وهو ابن التاجر الدمشقي توفيق قباني،
وقد درس قباني في مدرسة الكلية العلمية الوطنية، قبل أن يدخلَ كليّة الحقوق في جامعة دمشق
ويتخرّج فيها عامَ 1945م، وبدأ عملَهُ في السلك الدبلوماسي الذي استمر حتّى عام 1966م،
وقد تنقّلَ نزار قباني وسافر كثيرًا في البلاد والأمصار؛ لأن عمله كان يقتضي هذا السفر والترحال الدائم،
فأقام في مدريد وعمل سفيرًا هناك مدّة طويلة.
وقد ظهر الشعر والأدب في حياة قباني مبكرًّا فقد نشر أوّل ديوان له وهو في الجامعة
والذي كان بعنوان “قالتْ ليَ السَّمراء” والذي نشره عام 1944م، وقد نشر نزار قباني كثيرًا
من الدواوين الشعرية طيلة حياتِهِ، كديوان “طفولة نهد” و “سامبا” و “أنت لي”
و “أشهد ألّا امرأة إلّا أنت” و “كلُّ عام وأنت حبيبتي”، وقد عاش قباني آخر سنواته في العاصمة
البريطانية لندن، وعاد إلى دمشق جثمانًا مغطّى بالياسمين عام 1998م حيث وافته المنية في لندن،
وقد كان أوصى قبل موتِهِ: “أدفن في دمشق، الرحم التي علمتني الشعر والإبداع، وأهدتني أبجدية الياسمين”. 1)
شعر نزار قباني عن الفراق
كتبَ قباني وطرق كلَّ الأغراض الشعرية، ولكنَّه أكثر من الحبّ لأنّه اتخذ من المرأة قضية في شعرِهِ،
وكتبَ عن الغزل والسياسة وأكثرَ أيضًا، ولا بدَّ لكلِّ شاعر كثير الترحال والسفر أن يكونَ للفراق
نصيبٌ وفيرٌ في شعرِهِ، وهذا ما حصل مع قباني تمامًا، فقد كانَ للفراق ما كان في شعر هذا الشاعر العظيم،
ومن أجمل ما قال نزار قباني عن الفراق هو:
- يقول نزار قباني في قصيدة مضمخة بحزن الفراق والألم: 2).
علمني حبك، أن أحزنْ
و أنا محتاجٌ منذ عصورْ
لامرأة تجعلني أحزنْ
لامرأة أبكي بين ذراعيها
مثلَ العصفورْ
لامرأة، تجمع أجزائي
كشظايا البللور المكسورْ
علمني حبكِ -سيدتي-
أسوأَ عاداتْ
علمني أفتحُ فنجاني
في الليلة ألافَ المراتْ
و أجرِّبُ طبَّ العطارينَ
و أطرقُ بابَ العرافاتْ
علمني، أخرجُ من بيتي
لأمشطَ أرصفةَ الطرقاتْ
و أطارد وجهكِ
في الأمطارِ، و في أضواء السياراتْ
و أطارد طيفكِ
حتَّى، حتى
في أوراقِ الإعلاناتْ
علمني حبكِ
كيفَ أهيمُ على وجهي، ساعاتْ
بحثًا عن شعرٍ غجريٍّ
تحسدُهُ كل الغجرياتْ
بحثا عن وجهٍ عن صوتٍ
هو كل الأوجهِ و الأصواتْ
أدخلني حبكِ، -سيدتي-
مدن الأحزانْ
و أنا من قبلكِ لم أدخلْ
مدنَ الأحزان
لم أعرف أبدًا
أنَّ الدمع هو الإنسان
أن الإنسان بلا حزنٍ
ذكرى إنسانْ
- ويقول قباني في قصيدة أخرى عنوانها “أسالكِ الرحيلا”:
لنفترقْ قليلا
لخيرِ هذا الحُبِّ يا حبيبي
وخيرنا
لنفترقْ قليلا
لأنني أريدُ أن تزيدَ في محبتي
أريدُ أن تكرهني قليلا
بحقِّ ما لدينا
من ذِكَرٍ غاليةٍ كانت على كِلَينا
بحقِّ حُبٍّ رائعٍ
ما زالَ منقوشًا على فمينا
ما زالَ محفورًا على يدينا
بحقِّ ما كتبتَهُ، إليَّ من رسائلِ
ووجهُكَ المزروعُ مثلَ وردةٍ في داخلي
وحبكَ الباقي على شَعري على أناملي
بحقِّ ذكرياتنا
وحزننا الجميلِ وابتسامنا
وحبنا الذي غدا أكبرَ من كلامنا
أكبرَ من شفاهنا
بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ في حياتنا
أسألكَ الرحيلا
شعر نزار قباني عن الحب
لم يخلُ ديوان من دواوين نزار قباني من الحب والغزل، فالمرأة التي تمثِّلُ النعومة والأناقة
بأبهى صورِها كانت على رأس اهتمام قباني، فكتبَ لها وكتبَ عنها، وأبدع في كثير من القصائد
التي كتبَ بعضًا منها على لسان امرأة ومنها على لسان رجل، حتّى يستوفي كلَّ المواضيع
ويطرق كلَّ الأبواب ويشرح كلَّ الحالات التي يمكن أن تحدث عن عالم الحب والغزل
المضمّخ بالفراق والحزن أيضًا ومن ذلك ما يأتي.
- يقول نزار قباني في قصيدة يرويها على لسان امرأة: 3).
غدا إذا جاءَ، أعطيهِ رسائلَهُ ونُطْعِمُ النَّارَ أحلى ما كتبْناهُ
حبيبتي! هل أنا حقًّا حبيبتُهُ؟ وهلْ أصدِّقُ بعدَ الهجرِ دعواهُ؟
أما انتهتْ من سنينٍ قصَّتي معَهُ؟ ألمْ تمُتْ كخيوطِ الشَّمسِ ذِكراهُ؟
أما كَسَرنا كؤوسَ الحبِّ من زمنٍ فكيفَ نبكي على كأسٍ كسرناهُ؟
رباهُ، أشياؤهُ الصُّغرى تعذِّبني فكيفَ أنجو من الأشياءِ،رباه؟
هنا جريدتُهُ في الركنِ مهملةٌ هنا كتابٌ، معًا كنا قرأناهُ
على المقاعدِ بعضٌ من سجائرِهِ وفي الزوايا، بقايا من بقاياهُ
ما لي أحدق في المرآةِ، أسألُها بأيِّ ثوبٍ من الأثوابِ ألقاهُ
أأدعي أنني أصبحت أكرههُ؟ وكيفَ أكرهُ من في الجفن سكناهُ؟
وكيف أهرب منهُ؟ إنَّه قدري هل يملكُ النهرُ تغييرًا لمجراهُ؟
أحبهُ، لست أدري ما أحبُّ بهِ حتَّى خطاياه ما عادتْ خطاياهُ
الحب في الأرضِ بعضٌ من تخيُّلِنَا لو لم نجدْهُ عليها، لاخترعناهُ
ماذا أقولُ لهُ لو جاءَ يسألُني إنْ كنتُ أهواهُ، إنِّي ألفُ أهواهُ
- ويقول في قصيدته التي كتبها لزوجته بلقيس الراوي:
أشهد أن لا امرأةً
أتقنت اللعبة إلا أنتِ
واحتملتْ حماقتي عشرةَ أعوامٍ كما احتملتِ
واصطبرتْ على جنونِي مثلما صبرتِ
وقلمتْ أظافري ورتبتْ دفاتري
وأدخلتني روضةَ الأطفالِ إلا أنتِ
أشهدُ ألَّا امرأةً
تشبهني كصورةٍ زيتيةٍ
في الفكرِ والسلوكِ إلا أنتِ
والعقل والجنون إلا أنت
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأةً
قد أخذتْ من اهتمامي
نصفَ ما أخذتِ
واستعمرتني مثلما فعلتِ
وحررتني مثلما فعلتِ
أشهد أن لا امرأةَ
تعاملت معي كطفلٍ عمرهُ شهرانِ إلا أنتِ
وقدمتْ لي لبنَ العصفورِ
والأزهارِ والألعابِ
إلا أنتِ
أشهد ألَّا امرأةً
كانت معي كريمةً كالبحرِ
راقيةً كالشعرِ
ودللتني مثلما فعلتِ
وأفسدتني مثلما فعلتِ
أشهدُ ألَّا امرأةً
قد جعلتْ طفولتي
تمتدُّ للخمسينِ إلا أنتِ
- ويقول نزار قباني أيضًا:
عرفتُكِ من عامين، ينبوعَ طيبةٍ ووجهًا بسيطًا كان وجهي المُفَضّلا
وعينينِ أنقى من مياهِ غمامةٍ وشَعْرًا طفوليّ الضفائر مُرْسَلا
وقلبًا كأضواءِ القناديل صافيًا وحُبًّا، كأفراخِ العصافيرِ، أوّلا
أصابعُكِ الملساءُ كانتْ مناجمًا أُلملمُ عنها لؤلؤًا وقرنفلا
وأثوابُكِ البيضاء كانت حمائمًا ترشرش ثلجًا -حيث طارتْ- ومخملا
عرفتُكِ صوتاً ليس يُسْمعُ صوتُهُ وثغراً خجولاً كان يخشى المُقبِّلا
فأين مضتْ تلك العذوبةُ كلُّها وكيف مضى الماضي، وكيف تبدَّلا؟
توحّشتِ، حتى صرتِ قِطّةَ شارعٍ وكنتِ على صدري تحومين بُلبلا
فلا وجهكِ الوجه الذي قد عبدتُهُ ولا حسنك الحسن الذي كان مُنْزَلا
وداعتُك الأولى استحالتْ رعونةً وزينتكِ الأولى استحالتْ تبذلا
أيمكن أن تغدو المليكةُ هكذا؟ طلاءً بدائيًا، وجفنًـا مكحّلا
أيمكن أن يغتالَ حسنُكِ نفسَهُ وأن تصبح الخمرُ الكريمةُ حنظلا
يروّعني أن تصبحي غجريةً تنوء يداها بالأساور والحُلى
تجولينَ في ليل الأزقةِ هرةً وجوديةً، ليستْ تثير التخيّلا
سلامٌ على من كُنْتِها، يا صديقتي فقد كنتِ أيامَ البساطةِ أجملا