شعر عربي

نزار قباني في وصف غرناطة

شرح قصيدة غرناطة لنزار قباني

شعر في وصف قصر الحمرا

نزار قباني ووصف الحمرا

قصيدة غرناطة من أجمل ما كتب نزار قباني في وصف قصر الحمرا بمدينة غرناطة القديمة الساحرة.

نزار قباني

هو نزار توفيق قباني، شاعر ورجلٌ دبلوماسي سوري، وُلِدَ في دمشق عام 1923م،

وهو ابن عائلة دمشقية عريقة، درس نزار قباني الحقوق في جامعة دمشق وتخرّج عام 1945م،

وعملَ في السلك الدبلوماسي الذي جعله متنقلًا بين عواصم الدول المختلفة،

وقد عمل نزار سفيرًا في مدريد، ولكنّه قدّم استقالته من العمل السياسي عام 1966م،

وقد أصدر نزار قباني أوّل دواوينه الشعرية عام 1944م بعنوان” قالت لي السمراء”،

وقد اشتهر قباني بأنّه شاعر الحب والمرأة وقد أمضى نزار آخر أيام حياته في لندن

قبل أن توافيه المنية في عام 1998م في لندن، ودُفِنَ في حي الشاغور في مئذنة

الشحم في دمشق وهذا المقال مخصص للحديث عن شرح قصيدة غرناطة التي كتبها نزار في مدريد. 1)

شرح قصيدة غرناطة

قبل البدء في شرح قصيدة غرناطة للشاعر نزار قباني، لا بدَّ من المرور

على أبيات القصيدة كاملة، حيث يقول نزار قباني في قصيدته غرناطة

التي كتبها قرب قصر الحمراء في مدريد في اسبانيا: 2)

في مدخل الحمراء كان لقاؤنا                ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد

عينان سوداوان في حجريهما               تتوالـد الأبعاد مـن أبعـادِ

هل أنت إسبانية؟ ساءلتُها                  قالت: وفي غـرناطة ميلادي

غرناطة؟ وصحت قرون سبعةٌ              في تينـك العينين، بعد رقادِ

وأمـية راياتـها مرفوعـةٌ                     وجيادها موصـولة بجيـادِ

ما أغرب التاريخَ، كيف أعادني            لحفيـدة سـمراء من أحفادي؟

وجه دمشـقي رأيت خـلالَهُ              أجفان بلقيس وجيـد سعـادِ

ورأيت منـزلنا القديم وحجرةً             كانـت بها أمي تمدُّ وسـادي

واليـاسمينة رصِّعـت بنجومها            والبركـة الذهبيـة الإنشـادِ

ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينَها          في شعـرك المنسابِ نهرَ سوادِ

في وجهك العربي، في الثَّغرِ الذِي            ما زال مختـزنًـا شمـوسَ بلادي

في طيب “جنات العريف” ومائها                في الفل، في الريحـان، في الكبادِ

سارت معي، والشعر يلهثُ خلفَها              كسنابـلٍ تركـتْ بغيـرِ حصادِ

يتألَّـق القـرطُ الطـويل بجيدها                    مثـلَ الشموع بليلـة الميـلادِ

ومـشيتُ مثل الطفل خلف دليلتي            وورائي التاريـخُ كـومَ رمـادِ

الزخـرفات، أكاد أسمع نبـضها                  والزركشات على السقوفِ تنادي

قالت: هنا “الحمراء” زهوُ جدودنِا             فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي

أمجادها؟ ومسحت جرحًا نـازفًا              ومسحتُ جرحًا ثانيـًا بفـؤادي

يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـتْ             أن الـذين عـنتـهمُ أجـدادي

عانـقتُ فيهـا عنـدما ودعتُها                 رجلاً يسمـى “طـارق بن زيادِ”

عند بداية الحديث عن أي نصٍّ شعري، يجب الاطلاع على مناسبة هذا النص،

والمكان الذي كتبَ فيه الشاعر النص، وبالحديث عن قصيدة غرناطة وهي قصيدة رومنسية

تاريخية كتبها نزار قباني في مدريد في غرناطة عند قصر الحمراء في الأندلس سابقًا،

كتبها وهو يحمل على كتفيه تاريخ الأندلس الطويل، وقد بدأ نزار قباني نصَّه دون مقدمات

حيث يسرد قصة لقائه بالفتاة الاسبانية عند مدخل قصر الحمراء تمامًا، ويبدأ بوصف تلك الفتاة

وصفًا دقيقًا ويتحدث عن سواد عيونها والمدى الواسع الذي أخذته عيون تلك الفتاة الاسبانية إليه،

ثم يسألها: هل أنت اسبانية؟، فتؤكد له ذلك وتستطرد في جوابها وتشير إلى أنها اسبانية وأنها ابنة غرناطة أيضًا.

وفي تلك اللحظة ترجع ذاكرة نزار به إلى القرون الطوال التي أمضاها العرب في الأندلس

ويشرح كيف رأى تاريخ العرب الطويل في عيون تلك الفتاة الاسبانية التي يحاول قباني

أن يوصل للقارئ فكرة الأصول العربية التي تعود إليها، ويعود قباني للحديث عن وجهها

الذي رأى فيها أصالة الفتاة العربية، ورأى في شعرها دمشق كاملة ورأى في وجهها

الأسمر سمار العرب ورأى فيه كلَّ طفولتِهِ وأيامه الخاليات، ورأى ياسمينة البيت ورأى

البركة في بيته الدمشقي العتيق، ورأى في ثغرها شموس العرب التي كانت تسطع

على الأندلس من قبل، ثمّ بعد التفصيل الدقيق الذي أبدعه قباني في وصف تلك الفتاة،

يرجع باكيًا في آخر النص بعد أن يبيّن كيف طلبت منه تلك الفتاة زاعمةً أن يقرأ على جدران

قصر الحمراء أمجاد أجدادها، فيمسح قباني ألم جراحه متعجّبًا قائلًا:

أمجادها؟ ومسحت جرحًا نـازفًا           ومسحتُ جرحًا ثانيـًا بفـؤادي

ويبين فيما بعد أن أمجاد هذه الفتاة الاسبانية صاحبة الأصول العربية هي أمجاد مزيفة، لأن الأمجاد الحقيقة هي التي كتبها العرب في بلاد تلك الفتاة، قبل أن يختم مبيّنًا ومذكِّرًا بأحد أبطال التاريخ العربي وهو القائد طارق بن زياد الذي فتح بلاد الأندلس أمام العرب من قبل، فيقول في ختام قصيدته:

يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـتْ        أنَّ الـذين عـنتـهمُ أجـدادي

عانـقتُ فيهـا عنـدما ودعتُها          رجلًا يسمـى “طـارق بنَ زيادِ”

قصر الحمراء في غرناطة

هو أحد القصور الأثرية التي بناها العرب في الأندلس، وهو قصر بناه بنو الأحمر،

وبنو الأحمر قوم مسلمون حكموا غرناطة في الأندلس بعد الموحدين مباشرة،

ويعتبر قصر الحمراء اليوم من أهم المعالم العربية الباقية في اسبانيا وهو معلم سياحي مشهور،

يقع على بعد ما يقارب 430 كيلومتر جنوب مدينة مدريد وهي عاصمة اسبانيا الحالية،

ويرجع بناء قصر الحمراء إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وقد اشتهرت فيه الزخارف الإسلامية

والتنظيمات الهندسية والآيات القرآنية المحفورة على جدران القصر،

وهذا ما أثار قرائح الشعراء منذ قديم الزمان وحتى اللحظة، ويرجع سبب تسمية قصر الحمراء

بهذا الاسم إلى بني الأحمر الذين بنوا هذا القصر وهذه أحد الآراء في سبب التسمية،

بينما يقول آخرون إنَّ سبب تسميته عائد إلى التربة الحمراء التي يمتاز بها التل

الذي بُنِيَ عليه القصر في تلك الفترة الزمنية. 3)

السابق
شرح قصيدة العلم لأحمد شوقي
التالي
قصيدة في مدح أهل البيت

اترك تعليقاً