وانما تكرر كثيراً، وهي التصرفات والفعال تسمي بـ (علم النفس العكسي) فتعريفة بسيط ؛ الا وهو عندما تريد من شخص ما أن يفعل شيئاً، ولكنَّك موقنٌ من أنه لن يفعل ذلك الشيء حتى لو طلبته بأسلوب لطيف! لذلك أنت تحاول القيام بالاحتيال على ذلك الشخص ليفعل لك ما تريد؛ بأن تطلب منه أو تخبره بأن يفعل عكس ما تريد منه أن يفعل تماماً.
#مثال:
تحاولين جعل زوجك يقوم بطلاء غرفة النوم الخاصة بكم ولكن كل محاولاتك تبوءُ بالفشل، لذلك تقولين له: “لا يهم، سأفعل ذلك بنفسي، أنا أقوم بالطلاء أفضل منك على أية حال”. وأنتم –بالطبع– تعلمون ما التالي، سيقوم على الفور بإمساك فرشاة الطلاء بيده.
علم النفس العكسي يلبي الغرض منه – في أغلب الأحيان– وذلك لأنَّ البشر لديهم حاجة ماسة لـ”الاستقلال”، وتقول الدكتور “جانيت ريمون” –أخصائية ومعالجة وخبيرة نفسية بلوس أنجلوس–: “أن تعتقد أنك فعلت شيئاً ما بإرادتك الحرة أفضل من أن تعتقد بأنك قد فعلته لأنك مجبرٌ عليه أو تحت تهديد ما، أو خوفاً من فقدان علاقة تقدسه”.
في مجال العلاج النفسي، علم النفس العكسي يتم وصفه بمصطلح أكثر دقة وهو “التدخل المتناقض” (مصطلح “علم النفس العكسي” هو من ابتكار وسائل الإعلام، كما تقول ريمون). في التدخل المتناقض يطلب “المعالج النفسي” من “العميل” بأن يتشارك معه في النقاش حول سلوك ما يحاول ضبطه أو تغييره. فمثلاً إذا كان العميل يحاول أن يتوقف عن المماطلة، يطلب منه المعالج قضاء ساعة واحدة يومياً في المماطلة. والفكرة هي أن هذا سيساعد العميل في التركيز على ذلك السلوك وأسبابه الممكنة، فيرى أن هذا سلوك طوعي، ومن ثَمّ يمكن التحكم به.
هناك بعض المخاوف بشأن ما إذا كان استخدام التدخلات المتناقضة من قبل الفنيين وسيلة أخلاقية، فأحياناً مشكلة المريض تنطوي على الخوف أو الألم، لذلك يُطلب من المريض أن يحاول خلق هذا الخوف أو الألم، والذي لا يُعتبر مناسباً أخلاقياً.
على من يعمل علم النفس العكسي؟
علم النفس العكسي أو التدخل المتناقض هو مفهوم جديد نسبياً في مجال العلاج النفسي كما تقول “ريمون”، ومع ذلك يمكن أيضاً اعتباره فولكلوراً متداولاً. على سبيل المثال يطلب من الآباء –على مر التاريخ– عدم تحذير أبنائهم من الزواج من شخص ما، خوفاً من أنهم سوف يحاولون بشتّى الطرق –على الفور– الزواج من ذلك الشخص. ولكن هل يعمل ذلك على كل الأشخاص؟ وفي كل المواقف؟
يقول لنا الخبراء أنَّ علم النفس العكسي هو أكثر عرضة للعمل على أولئك الذين يحبون أن تكون الأمور تحت سيطرتهم – وكذلك المتمردين والنرجسيين – على سبيل المثال لا الحصر كما أنه يميل للعمل –بشكل أكثر فعالية– على أولئك الذين يتخذون القرارات بناءً على العاطفة، بدلاً من حساب وتقييم الأمور بتأنٍ.
ولكن تجادل ريمون موضحةً أنَّ نجاح استخدامه يعتمد على ديناميكية العلاقة أكثر من اعتماده على نوع الشخصية. حيثما تجد شخص ما يناضل من أجل الاستقلالية والفردية، يمكن لـ “التناقض” أن يعمل لأن ذلك الشخص يشعر كما لو أنه لا يزال يقاوم بفعل ما تخبره بأن لا يفعله”.
كمثال على ذلك تستشهد بـ “جوليان أسانج” – رئيس موقع ويكيليكس – كلما طُلب منه أن يتوقف وكلما زادت التهديدات التي تمارس عليه من قِبل بعض الدول المهيمِنة كالولايات المتحدة الأمريكية، كلما كان أكثر تحدياً وأصبح شهيداً من أجل قضيته” على حد قولها. وأضافت: “إن كان قد قيل له أنه شخص عظيم، واستمر في فعل ذلك (التناقض) من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ربما لم يكن لينوي إتمام ذلك”.
*من الجيد أن معظمنا لا يفكر فيما إذا كان يمكن استخدام علم النفس العكسي لوقف تدفق المعلومات الحكومية الحساسة. فمعظمنا يستخدمها لأسباب جيدة إلى حد ما، عادةً على الأطفال وأمور تتعلق بالحب، أو في أغراض العمل، كما سترى.
استخدام علم النفس العكسي مع الأطفال!
أي شخص تعامَل مع الأطفال هو – غالباً – استخدم جرعة من علم النفس العكسي عليهم. يصعب على الأطفال فعل عكس ما يرغب آبائهم. ولكن – على الأقل في بعض الأحيان – ومثل الكثيرين منّا، لا يحبون أن يُملى عليهم ما يجب القيام به أو وما لا يجب.
في تجربةٍ ما طُلب من طفلين في عمر العامين عدم اللعب بلعبة معينة، وفجأةً إذا بهم يريدون ويصرّون على اللعب بتلك اللعبةِ بالتحديد. وفي تجربة أخرى، طُلب من أطفال – أكبر سناً – اختيار ملصق من مجموعة من خمسة ملصقات إعلانية ستستخدم بعد ذلك في الإعلان عن شيء ما – أياً يكن – وقيل لهم أن واحدةً من تلك الملصقات ليست متوفرة. خمّن ماذا حدث؟ وجدوا فجأة ذلك الملصق الغير متوفر هو المرغوب فيه تماماً. تُظهر بعض الدراسات – أيضاً – أن بعض الإشارات التحذيرية تجعل المنتج أكثر إغراءً للأطفال، مثل تلك التي توضع في البرامج التلفزيونية العنيفة.
يمكن للوالدين استخدام علم النفس العكسي للتخلص من بعض رغبات الأطفال الفطرية وذلك عن طريق تخييب آمالهم في تلك الرغبة. ولكن يجب أن يفعلوا ذلك بطريقة مسؤولة، فكما يقول الخبراء: “قبل كل شيء إذا كنت تستخدم علم النفس العكسي في كثير من الأحيان، سوف يصبح الأمر واضحاً ولن ينجح. حيث أنك ستبدو كالمناور المبتذَل في نظر أطفالك، وهو – حتماً – ليس بالأمر الجيد”.
ثانياً، يجب ألّا تستخدم علم النفس العكسي “السلبي” مطلقاً، والذي يمكن أن يضّر باحترام الطفل لذاته. على سبيل المثال لا تخبر ابنك أنك سوف تحفظ دراجته بعيداً من أجله فمن المحتمل أنه لا يعرف كيفية البحث داخل المرآب المزدحم الخاص دون خدش سيارتك. بدلًا من ذلك ابحث عن طرق إيجابية وغير ضارة تستخدم بها علم النفس العكسي في تلك المواقف. دعنا نقول أن ابنتك الصغيرة لن تأكل على العشاء. أخبرها أن كل شيء على ما يرام ولا مشكلة في ذلك، ولكن عندما يوشك وقت العشاء أن ينتهي، أخبرها أنه سيحين وقت النوم، وبالطبع أنت تعلم النتيجة.
مع المراهقين، غالباً ما يساعد أن “تجادل نفسك”، فيما يسمى بعلم النفس “العكس عكسي”، إذا كان لديك مراهقة تبلغ من العمر 18 عاماً تريد – مثلاً – أن تحضر حدثاً ما غير آمن. على سبيل المثال، قل لها أنك لا يمكن أن تجبرها على البقاء بعيداً حتى وإن كانت لديك أدلة على خطورة ذلك الحدث، سوف يتوجب عليها – تلقائياً – أن تقرر لنفسها ما هو أكثر حكمة. الآن، أن تتجادل ضد نفسك بفعالية – وذلك عند تركك الأمر برمته في يدها وإبداء أسباب خطورة ما ستفعله في الوقت نفسه – والذي قد يجعل طفلتك تقرر أن الأخذ بمشورتك في النهاية.
تلك المفارقة أو التناقض لا تعطي الإذن للقيام بما يريده الطفل وليس –أيضاً– ما يريده الوالد، وتقول ريمون: “الأمر يتعلق بتشجيع الطفل على فعل الشيء الخطأ، فيصبح بعد ذلك غير مستحب بالنسبة إليه”.
ويعارض بعض علماء النفس استخدام علم النفس العكسي تحت أي ظرف من الظروف. حيث تقول الدكتور “ﭬيكي بانشيون” وهي عالمة نفسية في شؤون الطفل في موقعها على الانترنت: “أنه إذا قمت بمكافأة طفلك على فعل عكس ما تقوله له – كأن تطلب من طفلك عدم قص شعره الطويل – سيفعل عكس ذلك وبعدها تخبره كم يبدو منظره جميلاً، أنت بهذه الطريقة تعلمه بألا يستمع إليك وأيضاً تعلمه أنك لا تعني ما تطلبه منه دائمًا”.
استخدام علم النفس العكسي في مجال الحب والأعمال
في بعض الأحيان – في كثير من العلاقات – يلجأ البعض للمراوغة عندما يتعلق الأمر بموضوعات معينة، ولا يكونون صادقين حول ما يفكرون أو ما يشعرون. إذا كنت تشعر أن هذا يحدث في علاقتك الخاصة، وخاصة إن كان التهرب هو محور المشكلة في علاقتك، يمكنك محاولة استخدام علم النفس العكسي. فربما يخبركي حبيبك أنه يريد أن يأخذ فترة استراحة من تلك العلاقة، لأنكِ أصبحتِ دبقةً جداً. أخبريه بمرح أنه لا بأس وكل شيء على ما يرام، وأنكِ فقط كنتي تعتقدين أنه يمكنكي الاعتماد عليه إلى حد كبير على أيةِ حال. بعد ذلك لا تحاولي الاتصال به بأي حال من الأحوال. ربما يغير رأيه فجأةً ويتوسل إليكي لاستكمال العلاقة.
أو ربما كنت تناقش موضوع إنجاب الأطفال مع زوجتك. وأنت متأكد من أنها تريد أن تبدأ في تكوين أسرة الآن، لكنها تقول إنه من الحكمة الانتظار لفترة أطول قليلاً. أنت تقول: “حسناً، فلننتظر عامين آخرين”، ربما ترد عليك فجأةً قائلةً إنها تريد أطفال في فترة أقرب من ذلك إن لم يكن الآن.
في حالة الأعمال والتسويق، يقول الخبراء أنها أكثر إفادة بالنسبة لهؤلاء في المبيعات. وأنه ليس من المناسب توظيف هذا الأسلوب في محاولة إقناع الناس لشراء الأشياء التي لا تحتاج إليها. ولكن يمكن أن تكون مفيداً ومناسباً استخدام هذا الأسلوب مع الزبائن المهتمين بالمنتج الخاص بك.
هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تتضمن استخدام علم النفس العكسي في مجال المبيعات. واحدٌ يسمّى “إعلان عدم أهلية العميل”. في هذا السيناريو، تقول للعميل بأنه لا يمكنه تحمل تكلفة شيء معين، أو أنه غير مناسب له، على أمل أن يجعله يطلب شيئاً أعلى تكلفةً من ذلك.
دعونا نقول أنك تقوم بمساعدة زوجين على إيجاد سيارة جديدة. فتعرض لهم كل شيء في صالة العرض باستثناء اثنتين من السيارات الفاخرة في الزاوية. يسألونك لمَ لمْ تعرض لهم هاتين؟ فتقول لأن تلك السيارات باهظة الثمن – يدرك الزوجان أنهم لا يمكنهما تحمل أحدهما. الزوج يصر على أن يعرضها لهما، ثم يشتري واحدة منهما – فقط لإثبات أنه يمكنه تحمُل ثمن تلك المركبة.
أسلوب شائع آخر تطبيقاً لعلم النفس العكسي في مجال المبيعات، وهو أن تطلب من عميلك أن يقوم بتقييم المنتج من 1 إلى 10. يعجب العميل بالمنتج ويجده لا بأس به، لذلك فهو يصوت له بـ 7. تُظهر له أنك قد فوجئت، وتقول إنك كنت تعتقد من ردة فعله أنه سوف يقيمها بـ 3 أو 4. في الغالب – سوف يفسر العميل لماذا كان تصنيفه بـ 7. كما أنه – بالطبع – سيذكر السمات الإيجابية للمنتج الخاص بك، ومن ثم سيقوم بشرائه.