ميراث الابن
توزيع ميراث الابن علي الام
معلومات عن نصيب الأم من ميراث ابنها
حديثنا اليوم شيق ومهم جدا لانه يتناول موضوع نصيب الام من ميراث الابن
قال تعالى: (ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد فان كان لهن ولد فلكم الربع الامر الذي تركن من بعد وصية يوصين بها او دين ولهن الربع الامر الذي تركتم ان لم يكن لكم ولد فان كان لكم ولد فلهن السعر الامر الذي تركتم من بعد وصية توصون بها او دين وان كان رجل يورث كلالة او امراة وله اخ او اخت فلكل واحد منهما السدس فان كانوا اكثر من هذا فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم).[١]
اوجزت تلك الاية الكريمة كل نظم واسس توزيع الميراث بين الورثة الشرعيين، وفي ذلك الحين اولى الدين الاسلامي الحنيف الميراث عناية واهتماما خاصا؛ فرسم وحدد اصول توزيع الميراث، وبين هوية الورثة الشرعيين، والشروط اللازم استيفاوها لضرورة نصيب الشخص من الارث، وجاء الاسلام باصول تنفيذ الميراث لانصاف النساء؛ اذ قد كانت المراة تحرم من الميراث في الجاهلية، اما الدين الاسلامي فقد انصفها واعطاها حقها على اكمل وجه، بدلالة قوله تعالى: ﴿يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فان كن سيدات فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان قد كانت واحدة فلها النصف ولابويه لكل واحد منهما السدس الامر الذي ترك ان كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث فان كان له اخوة فلامه السدس من بعد وصية يوصي بها او دين اباوكم وابناوكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا فريضة من الله ان الله كان عليما حكيما﴾.[٢]
نصيب الام من ميراث ابنها
يختلف نصيب الام من ميراث ابنها حسب من يشاركها في الميراث، وانصبة الام من ميراث ابنها على النحو الاتي:[٣]
- الثلث: ترث الام ثلث التركة اذا لم يكن للمتوفى فرع وارث او جمع من الاخوة، اثنان فاكثر، لقوله تعالى: (فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث).[٤]
- السدس: ترث الام سدس التركة في حال كان للمتوفى فرع وارث (ابن او ابنة)، او جمع من الاخوة، اثنان فاكثر، سواء اكانوا اخوة اشقاء، او اخوة لاب، او اخوة لام، لقوله تعالى: (فان كان له اخوة فلامه السدس).[٥]
- ثلث الباقي: ترث الام ثلث الباقي في حال ترك الميت زوجة وابا واما فقط، او في حال قد كانت المتوفاة امراة تركت زوجا وابا واما، وتعرف هاتان المسالتان بالعمريتين، او الغمراوان؛ حيث ياخذ الزوج فرضه، وياخذ الاب فرضه الشرعي كذلك، ثم تاخذ الام ثلث الباقي من التركة. وسميت هاتان المسالتان بالعمريتين؛ لان عمر بن الكلام -رضي الله عنهما- هو الذي قضى بهما، ووافقه عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم -، وسميت المسالتان بالغراوين؛ لوضوحهما وضوح النجم الاغر، وهو الكوكب اللامع.
اركان الميراث
تقسم زوايا الميراث الى كل الامر الذي ياتي:[٦]
- المورث: وهو الفرد المتوفى او الميت موتا حقيقيا، او الملحق بالاموات؛ كالشخص الضايع الذي نشر القاضي حكما قضاييا بموته.
- الوارث: وهو من له الحق بامتلاك او الحصول على ما تركه المتوفى تشييد على صلة القرابة التي تربطهما ببعضهما، وهو الحي الذي ثبتت حياته بعد المورث، او الملحق بالاحياء كالحمل.
- الموروث: وهو ما يتركه الميت من مال وغيره، وينتقل تلقاييا للوارث بعد وفاة الاول، ضمن قوانين واصول الشرع الاسلامي الحنيف، وفي ذلك الحين يكون ابنا او قريبا، اصلا او فرعا.
اسباب الميراث
يحق للوارث ان يحصل على حقه في الميراث اذا قد كانت تربطه بالموروث (المتوفى) صلة او قرابة، وهي على النحو الاتي:
- الزواج: ترث المراة من قرينها او الزوج من قرينته في وضعية وفاة احدهما قبل الاخر، ولا ورثة للازواج من بعضهم بعضا في حال سقوط الطلاق وانتهاء العدة قبل موت احد الزوجين.[٧]
- القرابة (النسب): ومعنى القرابة او النسب، اي اقارب الميت اصوله وهم الوالدين، وفروعه وهم الابناء والبنات، والحواشي وهم اخوة الميت الاشقاء، او الاخوة من ناحية الاب فقط، او الاخوة من ناحية الام فقط، وغيرهم من الاقراب ما عدا الاصول والفروع.[٨]
- ولاء العتق: وهو ما يقارب حكمية؛ اي انها ليست ما يقارب حقيقية، لكن هي في حكم القرابة، وسببها عتق المسلم لاخر بان يرد اليه حريته، فجعل ذلك المعتق في الاسلام وريثا؛ مكافاة له على صنيعه، وتشجيعا على عتق العبيد، فقد حرص الاسلام على اعادة الحرية والانسانية لمن فقدوها، وجعل العتق من عوامل التوارث تشجيعا وسياسة شرعية للحد من الرق والعبودية.[٩]
اصحاب الفروض
حددت الشريعة الاسلامية في تشريعاتها التي فصلتها نصيب كل شخص من افراد العايلة الواحدة من الورثة التي يتركها المتوفى، حيث تقسم التركة بين اصحاب الفروض على النحو الاتي:[١٠]
- فرض النصف: وتذهب نصف التركة لخمسة اشخاص حددهم الاسلام، وهم الزوج، والبنت، وبنت الابن، والاخت الشقيقة، واخت الاب، ويرث الزوج النصف من ميراث قرينته في حال عدم وجود ابناء او فتيات للزوجة، او ابناء الابن او البنت.
- فرض الربع: ينتقل الزوج من اصحاب فرض النصف الى اصحاب فرض الربع في حال وجود الولد (ابن الزوجة المتوفية)، وكما ان الزوجة ترث ربع الميراث في حال عدم وجود ابناء او فتيات لدى الزوج.
- فرض الثمن: تنتقل الزوجة الى اصحاب فرض السعر اذا كان للزوج ابناء او بنات، واذا كان للمتوفى اكثر من زوجة فيقسم السعر بينهن.
- فرض الثلثين: ويدرج في تلك الخانة اربعة اصناف، ويشترط لحصول اصحاب ذلك الفرض على نصيبهم التعدد، وهو وجود ابنتين او اكثر، وابنتي ابن او اكثر، وشقيقتين او اكثر، واختين للاب او اكثر، مع عدم وجود العاصب الذكر بنفس مستوى القرابة لكل صنف من تلك الاصناف، والعاصب الذكر هو الابن مع الابنتين فاكثر، وابن الابن مع ابنتي الابن فاكثر، والاخ الاخ مع الاختين الشقيقتين فاكثر، والاخ لاب مع الاختين لاب فاكثر.
- فرض الثلث: واصحاب فرض الثلث هم الام مع توافر محددات وقواعد عدم وجود ابناء للوارث، وعدم وجود اخوة اكثر من واحد، والوريث الثاني من اصحاب فرض الثلث هم الاخوة والاخوات للام، ويشترط هنا التعدد شرط عدم وجود فروع للوارث، ويتساوى الذكر بالانثى في تلك الحالة.
- فرض السدس: يدرج في اصحاب فرض السدس سبع فيات من اقارب المتوفى وهم:
- والد المتوفى شرط وجود فرع وارث: وفي الميراث يقدم الفرع (الابن او البنت) على والد المتوفى في الميراث، بل لا يحرمه من هذا الا انه ينقله الى فرض السدس.
- الجد (والد الاب): ويحق لاب الاب الحصول على السدس من ميراث ابنه المتوفى شريطة عدم وجود فرع وارث، ولا يحرم وجود الجد اخوة المتوفى من الميراث، اما اب الام فانه من ذوي الارحام.
- الام (الوالدة): تنتقل الام من اصحاب فرض الثلث الى اصحاب فرض السدس في حال وجود عدد من الاخوة للموروث.
- الجدة: في حال عدم وجود الام، اي موتها او طلاقها، فان ميراث الام ينتقل الى الجدة (ام الام او ام الاب).
- البنت وبنت الابن: فان ترك الموروث بنتا واحدة، وابنة ابن، وعما لها، فان للبنت نصف الميراث، ويحق لابنة الابن الحصول على السدس من الميراث لتكملة الثلثين، ويكون بقية الميراث من نصيب العم (اخ الاب).
- العمة (اخت الاب) مع الشقيقة الشقيقة: شرط عدم وجود فروع (ابناء، او فتيات الابناء، او بنات، او ابناء البنات).
- اخوة الام (اناث وذكور): بشرط عدم وجود فروع اي ابناء او فتيات للوارث.
مزايا الميراث في الاسلام
شرع الله تعالى الميراث وقانونه واصول توزيعه لما له من اثار نفسية ومساع استثمارية توطد الصلات بين افراد العايلة الواحدة، ومن الجدير بالذكر ان تشريع الارث في الدين الاسلامي من اعدل القوانين على الاطلاق؛ فاعطى كل ذي حق حقه، ووردت في القران الكريم ايات كثيرة تتعلق بذلك الامر، وهذا اشارة على نطاق اهمية الامر، وقد كانت اكثر مواضع الذكر لموضوع الميراث في الاسلام ورودا في سورة النساء، ومن هنا يستدل على ان للميراث فوايد حتى حظي بتلك الاعتناء الالهية، وهذه الفوايد هي:[١١]
- ينظم الميراث العلاقات الاسرية بعد توزيعه على الورثة.
- تقوية الصلات واواصر الحب والمودة بين افراد العايلة الواحدة.
- تعاون التركة على سد حاجات الورثة المادية.
- يضبط تشريع الميراث في الاسلام التوزيع الاقتصادي.
- تكافح عملية توزيع الارث الفقر وتحد منه.
- تحميس الافراد على الانتاج وبذل المجهود لنقل ما لديهم لابنايهم مستقبلا بعد الوفاة.
- تقصي الرضا والعدالة بين الرجل والمراة من اقارب الموروث.
- القضاء على الكراهية والحقد والبغضاء بين افراد العايلة الواحدة.
- تقصي العدالة الاخلاقية والقانونية بين افراد الاسرة.
- العون على تشييد العايلة وتقويتها والحفاظ على تماسكها.
الارث في الشرايع المختلفة
يعرف الارث على نحو عام بانه كل ما يتركه المتوفى وراءه لورثته، من ثروات و ممتلكات، او قد يكون ديونا او مسووليات. والميراث هو انتقال مال الغير الى الغير على طريق الخلافة.[١٢]
وقد اورد الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز الحكيم احكام وتفاصيل واسس توزيع الميراث على الورثة، دون سقوط اي لبس لدى الورثة، او احساس بالظلم من الاخرين، ويختلف توزيع الميراث في الاسلام عن العديد من الديانات والتعاليم والشرايع الاخرى التي كان بعضها يكتفي بمنح الميراث للابن الاكبر فقط ويحرم باقي الورثة، وبعضها كان يمنح الميراث للذكور ولا يمنح الاناث؛ فالقانون اليوناني كان يتعامل مع الميراث وتقسيمه تشييد على الوصية، اذ كان صاحب المال يوصي بتوزيع تركته بعد موته كما يريد، وقد كانت المراة تحرم من الميراث نحو اليونانيين، فهو عندهم للذكور فقط، اما الرومان فقد ساووا بين الاناث والذكور في الميراث، وجعلوا الابناء بالتبني في درجة الابناء بالنسب في استحقاق الميراث، وحرموا الاب والام من الميراث في حال وجود الابناء للموروث وهم الفرع الوارث، وما ترثه الام من ابيها يكون حق وراثته بعد وفاتها لاخوتها لا لابنايها، ولم يعد الرومان الزوجية سببا من عوامل الميراث، ولذلك فقد منع الرومان التوارث بين الازواج، اما اليهود فالزوجية ليست سببا لتوارث عندهم، والانثى لا ترث في الديانة اليهودية مع وجود وريث اوضح من اقارب المتوفى، وللرجل الحق في الاجراء في ماله بالوصية، وللولد البكر في اليهودية نصيب اثنين من اخوته في الميراث الا اذا اتفق معهم على التسوية بينهم فيجوز هذا عندهم، ويجوز في الديانة اليهودية ايضا توريث الولد من الزنى.
وعند العرب في الجاهلية قبل الاسلام قد كانت عوامل التوارث هي القرابة، والتبني، والتحالف، ولا شك ان تقسيم الميراث على ذلك النحو فيه ظلم عظيم لمن تم حرمانه من الميراث مع وجود فطرة حب التملك، التي فطر الله عليها الناس جميعا، ذكورا واناثا، ولا شك ايضا بان حرمان اي انسان من حقه في الميراث يولد الحقد، والسخط، وعدم الرضا؛ وبذلك يكون الميدان خصبا للنزاعات، والبغضاء، وسببا لوجود الجريمة بدافع الكره والانتقام.[١٣]