من هو ابن عربي
من هو ابن عربي
قبل الحديث عن ديوان ابن عربي لا بدَّ من ذكر لمحة عن الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، أحد أئمة وكبار المتصوفين في التاريخ الإسلامي، يُلقَّب بالشيخ الأكبر لذلك تُنسب إليه الطريقة الأكبرية الصوفية، هو الإمام محيي الدين بن علي الأندلسي الطائي، ولد ابن عربي في الأندلس في مدينة مرسية في عام 1164م، كان والده من أئمة الحديث والفقه ومن الزهاد المعروفين وجدُّه كان قاضيًا في الأندلس، انتقل والده به إلى إشبيلية وعلمَّه القرآن والفقه والحديث فنشأ نشأةً قويمةً في دار علمٍ وأدب وإيمان، ثمَّ تنقَّل في كثير من البلدان الإسلامية في رحلته من الأندلس إلى بلاد المشرق العربي، حيثُ خرجَ من الأندلس عام 1200م، وفي عام 1223م استقرَّ في مدينة دمشق بعد تنقُّل وسفر دام لمدة 23 سنة، فصار من علماء وأعلام دمشق وبقيَ فيها حتى وفاته عام 1240م ودُفن في سفح جبل قاسيون، ويعدُّ ابن عربي من كبار الفقهاء والعلماء في الإسلام وله الكثير من الكتب والمؤلفات الشهيرة، من أهمِّ كتبه ومؤلفاته: ديوان ابن عربي، الفتوحات المكية، فصوص الحكم، كتاب شجرة الكون، كتاب اليقين وغيرها. 2)
ديوان ابن عربي
تركَ الإمام محيي الدين بن عربي الكثير من المؤلفات التي بقيت شاهدةً على نبوغه، ومن الكتب التي تركها ديوان ابن عربي، حيثُ يحتوي ديوان ابن عربي على جميع الأشعار التي قالها ابن عربي خلال حياته والتي عبَّر في كثير منها عن آرائه فيما يخصُّ التصوُّف، وأظهر جانبًا كبيرًا من العقائد الكلامية التي يؤمن فيها والتي تتجلَّى في أشعاره وأقواله، ولم تظهر هذه الأمور عند غيره من أئمة وعلماء الصوفية إلا ما ندر، وقد عُدّ ابن عربي مؤسّسًا لفكرة الوجود التي سادت فيما بعد، وتتميَّز قصائد ديوان ابن عربي بلغته الشاعرية العالية والدعوة إلى الحب الإلهي الخالص الصافي إلى درجة الفناء في ذات الإله لذلك يعدُّ من أهم أشعار الصوفية، وفيما يأتي سيتمُّ إدراج بعض القصائد من ديوان ابن عربي: 3) 4)
- القصيدة الأولى:
أنا آدمُ الأسماءِ لا آدمُ النشء فلي في السما والأرض ما كان من خبءِ
ولكنه من حيث أسماءُ كونه وما لي فيه إن تحققت من كفؤ
أنا خاتمُ الأمر الأعمِّ وجودُه لذاك تحملتُ الذي فيه من عبءِ
فإن كنت ذا علم بقولي ومقصدي وأحكامِ ما في الكلِّ من حكمة الجزءِ
فلا تأخذِ الأقوالَ من كلِّ قائلِ وإنْ كان لا يدري الذي قال من هزءِ
- القصيدة الثانية:
انظر إلى العرش على مائه سفينة ً تجري بأسمائهِ
واعجبْ لهُ من مركبٍ دائرٍ قد أودعَ الخلقَ بأحشائِهِ
يسبَحُ في بحرٍ بلا ساحلٍ في حندسِ الغيبَ وظلمائهِ
وموجه أحوالُ عشَّاقه وريحهُ أنفاسُ أنبائهِ
فلو تراه بالورى سائرًا من ألِفِ الخط إلى يائه
ويرجع العود على بدئه ولا نهايات لابدائه
يكوِّر الصبحَ على ليلِه وصبحهُ يفنى بإمسائهِ
فانظر إلى الحكمة سيارةً في وسط الفلك وأرجائه
ومن أتى يرغب في شانه يقعدُ في الدُّنيا بسيسائِهِ
حتى يرى في نفسه فلكَه وصنعة الله بإنشائه
- القصيدة الثالثة:
انظر إلى الحقِّ من مدلول أسماء وكونه عين كلي عين أجزائي
إن كان ينصفني من كان يعرف ما يبدو إليه من اعراضي وإنحائي
أسماءُ ربي لا يحصى لها عددٌ ولا يحاط بها كمثل أسمائي
إنْ قلتُ قلت به أو قال قال بنا تداخل الأمر كالمرئيِّ والرائي
العين واحدة والحكم مختلف فانظر به منك في تلويح إيمائي
- القصيدة الرابعة:
لقد كنت قبلًا منكِرًا كلَّ صاحب إذا لم يكن ديني إلى دينِه داني
وقد صار قلبي قابلًا كلَّ ملَّة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحفُ قرآن
أدين بدين الحبِّ أنى توجَّهت ركائبه فالحبُّ ديني وإيماني