ماهية الصيام وفضله على المسلم
مفهوم الصيام في الإسلام
على من تجب فريضة الصيام
الصيام ركن من أركان الإسلام ونستعرض بمقالنا مفهوم الصيام وعلى من يجب الصيام كما ذكر في الإسلام.
صيام الفريضة
الصيام هو الامتناع عن جميع مفسدات الصيام ومفطراته التي حدّدها الفقهاء،
وذلك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، قال تعالى:
{يا أيُّها الذينَ آمنُوا كُتِبَ عليكُم الصِّيام كمَا كُتبَ على الذينَ من قبلِكم لعلَّكم تتَّقون} 1)،
وفي هذه الآية فرَض الله تعالى صيام شهر رمضان على عباده المسلمين،
ويختلف صيام الفريضة عن صيام التطوع بأنَّ صيام التطوع يصحُّ بدون نية أمَّا صيام الفريضة فلا يصحّ بدون نية
حسب قول الجمهور من العلماء، وصيام الفريضة لا يصحُّ أن يقطعه الصائم بدون عذر وصيام التطوع
يجوز قطعه بدون عذر، وهذا المقال سيتحدث عن فضل الصيام وعلى من يجب الصيام. 2)
فضل الصيام
يعدُّ الصيام من أعظم وأجلِّ العبادات في الإسلام، فرضَه الله تعالى على عباده خلال شهر رمضان،
وجعل لمن يصومه الأجر الكبير والثواب الجزيل، وفتح لهم باب صيام التطوع أيضًا ليزدادوا إيمانًا وثوابًا،
قال تعالى في محكم التنزيل:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ
فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ
فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} 3)،
وللصيام فضائل كثيرة لا تنحصر في عدة أسطر أو صفحات، ففيه صلاحٌ للقلوب وتزكية للنفوس
ووقاية من الفتن وتهذيبٌ للأخلاق، وفيما يأتي سيتمُّ ذكر بعض أهم فضائل الصيام
قبل معرفة على من يجب الصيام: 4)
- مغفرة الذنوب والأجر الكبير: لأن الصيام من العبادات التي وعدَ الله تعالى لمن أداها المغفرة الواسعة والأجر العظيم، قال تعالى: {إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ وَالمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ الله كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} 5).
- الصوم لا يعلم أجره إلا الله: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ يُضاعَفُ، الحَسَنةُ عَشَرةُ أمثالِها، إلى سَبعِ مِئةِ ضِعفٍ، إلى ما شاءَ اللهُ، يَقولُ اللهُ -عزَّ وجلَّ-: إلَّا الصَّومَ فإنَّهُ لي، وأنا أجزي به، يَدَعُ طَعامَهُ وشَرابَهُ مِن أجْلي. ولِلصَّائمِ فَرحتانِ: فَرحةٌ عِندَ فِطرِهِ، وفَرحةٌ عِندَ لِقاءِ رَبِّهِ. ولَخُلوفُ فيه أطيَبُ عِندَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- مِن ريحِ المِسكِ، الصَّومُ جُنَّةٌ، الصَّومُ جُنَّةٌ” 6).
- من أبواب الخير: عدَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الصيام بابًا من أبواب الخير ووقايةً للمسلم، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: ألا أدلكَ أبواب الخير!، قلت: بلى يا رسول الله، قال: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل” 7).
- حصنٌ من النار: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “الصيامُ جنَّة وحصنٌ حصينٌ من النار” 8).
- الصيام يقي من الشهوات: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنَّه له وِجاءٌ” 9).
- الصيام لا مثل له: لِما ورد في وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: “قلت: يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به، قال: عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه، قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ، قالَ: عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه” 10).
على من يجب الصيام
فرضَ الله تعالى الصيام على عباده، وذكر الفقهاء من أهل العلم على من يجب الصيام من المسلمين،
وقالوا بأنَّه لا يجب الصيام على أحد من البشر إلا بتوافر خمسة شروط يجب أن تجتمع في الشخص
حتى يكون الصيام واجبًا عليه وهي: “الإسلام، التكليف، القدرة على الصيام، الإقامة،
الخلو من الموانع”، وفيما يأتي سيتم ذكر شروط على من يجب الصيام مع شرحٍ وافرٍ لكل منها: 11)
- الإسلام: وهذا أول شرط يحدّد على من يجب الصيام لأنَّ الكافر غير ملزم بأداء الفرائض، وإذا أسلمَ ليس عليه قضاء أيضًا، قال تعالى: {وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله} 12)، فكما لا تقبل منهم النفقات فالصيام من باب أولى ألا يقبل من الكافر، وأما عن عدم قضاء الصيام قال تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} 13).
- التكليف: فالبلوغ والعقل في الإسلام شرطان لأداء الفرائض، فلا واجبات مع الصغر والجنون، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “رفع القلم عن ثلاث: عن النائمُ حتى يستيقظَ وعن الصغيرِ حتى يكبرَ وعن المُبْتَلى حتى يَعْقِلَ” 14).
- القدرة: أن يكونَ الشخص قادرًا على الصيام لا يمنعه أي عجزٍ من مرضٍ وغيره، قال تعالى: {ومن كانَ مريضًا أو علَى سفرٍ فعدَّةٌ من أيَّام أُخر} 15)، والعجز: يمكن أن يكون مؤقتًا كالمرض العارض الذي يرجى زواله، ويمكن أن يكون دائمًا كالمرض الذي لا يرجى شفاؤه أو كبير السن الذي لا يستطيع الصيام.
- الإقامة: أن يكون المسلمُ مقيمًا لأنَّ المسافر يسقطُ عنه الصيام لقوله تعالى: {ومن كانَ مريضًا أو علَى سفرٍ فعدَّةٌ من أيَّام أُخر} 16).
- الخلو من الموانع: وهذا الشرط تختصُّ به النساء، فلا يجب الصيام على النفساء والحائض، عن أبي سعيد الخدري أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ” 17). لذلك الحائض أو النفساء لا يجب عليها الصيام ولا يصح منها إذا صامت ويجب عليها القضاء.