تعد القصص الإسلامية مليئة بالعبر والمواعظ التى يجب أن نأخذ منها كل ماهو مفيد ونأخذه كنهج فى حياتنا
النبي إدريس عليه السلام
إدريس عليه السلام واحدٌ من الأنبياء الذين جاء القرآن الكريم على ذِكرهم في أكثر من موضع، وقد تعدّدت الروايات في نسبه -عليه السلام- وأرجحُها أنّه إدريس بن يرد بن مهلاييل، ويُعرف أيضًا باسم أخَنوخ، ووجه تسميته إدريسًا أن الاسم مأخوذٌ من الدَّرس والدِّراسة لكثرة دراسته وتفكره وتأمله في الصحف المُنزلة على آدم وشيث -عليهما السلام- وقيل عن إدريس إنّه أول من خطَّ وخاط، أيْ: خطَّ بالقلم وخاط الثياب كما جاء في الحديث الذي صحّحه ابن حبان وضعفه الألباني؛ نظرًا لأنّ الأخبار الواردة عنه -عليه السلام- كافّة من الإسرائيليّات التي يُستأنس بها لكن لا بُمكن الجزم بثبوتها.
قصة النبي إدريس عليه السلام
اختلفَ العلماء في مكان ولادة إدريس، فقيل في بابل من أرض العراق وهو الأرجح، وقيل في مصر، وهو ثالث أنبياء البشريّة بعد آدم وشيث -عليهما السلام-، وكانت بداية ارتباطه بالإيمان الربانيّ أنّه أخذَ بالعلم المُنزل على شيث بن آدم دراسةً وتعلُّمًا وتطبيقًا حتى سُمّي إدريسًا وبقي على حاله تلك حتى آتاه الله النبوة، فصدع بنبوته وحثّ الناس على الإلتزام بشريعتيْ آدم وشيث -عليهما السلام-، فاتّبعه رهطٌ قليلٌ وخالفه وعصاه غالبيّة الناس، ممّا حدا به إلى اتخاذ قرار الرحيل عن بابل هو ومن معه -وقد استثقَلوا أمر الرحيل- ثمّ خرجوا جميعًا من بابل إلى مصر ووقَفَ -عليه السلام- على نهر النيل مُسبحًا، وهناك استقرّ بهم المقام وأخذ إدريس في دعوة الناس إلى الإيمان بالله تعالى والأخذ بمكارم الأخلاق والصلاة والصوم والذِّكر والطهارة من النجاسات وتحريم المُسكِرات والتزود بالعمل الصالح للآخرة، وإليه يُنسب الفضلُ في بناء المدن وتنظيمها على أسسٍ ثابتةٍ؛ فأنشئت في زمانه مائة وثمانٍ وثمانين مدينةً.
وقد اختلفَ أهل التفسير في وفاة إدريس -عليه السلام- بسببِ ما ورد في قوله تعالى عنه: “وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا” 1)، فقال المفسّرون المقصود بالرفع هو الرفع الحسيّ الحقيقيّ إلى السماء الرابعة وهو أرجحُ الأقوال، وإن لم يُجزَم به لورود ذلك في حديث الإسراء، حيث مرّ به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو في السماء الرابعة لكن رؤية الرسول له روحًا لا جسدًا. 2) 3)
مضامين قصة إدريس عليه السلام
تضمّنت قصّة النبي إدريس منذ ولادته حتّى رفعه إلى السماء الرابعة مرورًا بعمره الطويل الذي قضاه في طاعة الله تعالى والإيمان به إلى أمرٍ مهمٍّ، وهو اتباع الفِطرة السليمة التي تتجه نحو الإيمان بالله ونبذ ما سواه؛ فهذا إدريس يتبع نهج آبائه آدم وشيث في الإيمان بالله وحده، كما تضمنت قصته: 4) 5)
- التأكيد على أنّ الأنبياء جميعهم من لدن آدم -عليه السلام- وحتى محمد -صلى الله عليه وسلم- شريعتهم واحدةٌ وهي الدعوة إلى عبادة الله وحده وصرّف كافة أشكال العبادة له كالصلاة والصوم والزكاة.
- الدعوة إلى التخلُّق بمكارم الأخلاق ومحاسنها.
- تكريم الله تعالى أنبياءه في الدنيا والآخرة كما في قصة إدريس إذ رفعه الله إليه في السماء الرابعة.
- استحباب الهجرة من أرض الكفر وضيق العيش إلى أرض الإيمان ورغد العيش من باب السعي في مناكبها كما ورد في القرآن الكريم.
- تحريم تناول الخمر وكلّ ما يُذهب العقل أمرٌ أجمعت عليه كلّ الشرائع السماويّة.
- الحثّ على تعمير الأرض بحيث تكون صالحةً للسكن والعيش، كما فعل إدريس حين نظّم وأسّسَ للمدن.
مواضع ذكر النبي إدريس في القرآن الكريم
جاء القرآن الكريم على ذِكر النبي إدريس في أكثر من موضعٍ فيه كواحدٍ من الأنبياء المرسلين من الله تعالى والذين يتوجب على المسلم الإيمان بهم وبما جاءوا به من عند الله تعالى كواحدٍ من أركان الإيمان -الإيمان برسله-، وتلك المواضع هي: 6)
- قال تعالى: “اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا”7)
- قال تعالى: “وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ”8)