من جديد الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – الذي صرح فيه: ” انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق “، يمكننا ان نشاهد خلاصة الرسالة المحمدية الخاتمة، حيث ان الاسلام جاء خاتما للديانات السماوية، مسبوقا بالديانات اليهودية والمسيحية و غيرها من الملل، اضافة الى وجود الحضارات الانسانية التي سبقت مجي الاسلام، و كل ذلك لم يغفله الرسول الاعظم، فقد كان عارفا باحوال الامم والحضارات والديانات التي سبقته، فهو ليس انسانا بسيطا، و ليس كذلك عابدا عاديا، و لم ينل المكانة التي وصل اليها – صلى الله عليه وسلم – بسهولة و سهولة، و من ضمن علم الرسول معرفته بان الاسلام جاء حلقة في سلسلة، و لكنه حلقة هامة احدثت انقلابا في المفاهيم راسا على عقب، لذلك فقد حوربت الرسالة الاسلامية السمحة من الجميع و قد كانت هناك العديد من مساعي لاجهاضها، و قتل نموزج تلك مناشدة ذلك النبي العظيم.
فالرسول يعرف ان الاخلاق حاضرة في البشرية و انه لم يات مع فرضية مسبقة بان الناس عديمو الاخلاق و لا تبقى بهم بذرة خير، لكن كان يعرف ان الخير اصيل في الناس و ان الاخلاق حاضرة في الانس منذ نشاتهم، بل وظيفته كرسول خاتم، هو تحديث ما فسد من الاخلاق و اضافة اخلاق حديثة حسنة للبشرية، الامر الذي يعدل حياتهم و يرجعها الى الطريق المستقيم الذي يرتضيه ضميرهم و يرتضيه ربهم عز وجل في علاه.
فالرسول لم يرفض جميع افعال الجاهلية، لكن قاوم الظلم و التنجبر و الطغيان الموجود في المجتمع، اضافة الى هذا حارب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكرة ان يتجه الانسان بالعبادة الى غير الله تعالى، الى من لا ينفع ولا يضر و هو الصنم المصنوع من الحجارة، فهذه من سلبيات المجتمع الجاهلي، الى هذا عمل الرسول الاعظم على تحديث الاخلاق السلبية و الطقوس القبيحة الذايعة في المجتمع الجاهلي بكثرة. الا ان رسول الله اقر الطقوس الاجتماعية الحسنة التي قد كانت ذايعة في ذاك المجتمع، كالكرم و جمال الجوار و اكرام الضيف و عون الملهوف، و غيرها الكثير من الصفات الحسنة المتاصلة في المجتمعات العربية.
من هنا فعظمة الاسلام تكمن في انه عدل اضافة و حذفا على ما قد كان حاضر في القدم و من اجل ذلك احتل الاسلام مكانة كبيرة في الديانات السماوية و نال كل ذلك الموافقة الواسع لدى الناس على كافة طبقاتهم و اشكالهم و افكارهم و اعراقهم.