كيفية تأدية مناسك الحج
قال الله عز وجل في كتابه الكريم ” الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [سورة البقرة:197] .
و بما اننا نقترب من موسم الحج ، اهم وأفضل فريضة في الإسلام وهي من أركان الإسلام الخمس ،
سنسلط نحن فريق شبكة مقالة الضوء على كيفية أداء مناسك الحج.
اولاً:- لماذا فرض الله عز وجل الحج على المسلمين والحكمة من فرضها
فريضة الحج من الفرائض العظيمة وفوائدها كثير ومتنوع ومن أهم فوائد الحج هو توحيد صفوف المسلمين والتآلف بينهم،
إضافةً إلى تعزيز الروابط الروحية بينهم وبين الله سبحانه وتعالى. ويمثل الحج فرصة للحاج لتطهير نفسه،
وتحقيق التواصل مع الله، وتجديد العهد معه، والتقرب منه. كما يشكل الحج فرصة للحاج للتعلم والتثقيف عن الدين الإسلامي،
وتعرف على ثقافات المسلمين من مختلف البلدان والجنسيات.
ومن اهم شعائر الحج هو حفظ الحجاج للحدود والحرمات والأمانات، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي،
وتجنب النزول إلى المستوى الأدنى من الأخلاق والسلوكيات. وتؤكد الشريعة الإسلامية على عظمة عيرة الحج،
وضرورة الالتزام بها، وتحث على التعاون والتضامن بين الحجاج، وتجنب أي سلوك أو تصرف قد يؤدي إلى إحداث الفتن والخلافات بين المسلمين.
ويجب على كل حاج الالتزام بشعيرة الحج، وعدم الانشغال بأمور غير مهمة أو مخالفة الشريعة،
حتى يتمكن من أداء هذه الشعيرة بالشكل الصحيح والآمن. كما يجب على الحاج أن يستغل فرصة الحج
لتحسين المزيد عن دينه، والتعلم من الخطب والدروس الدينية التي تتناول مواضيع مهمة، والتواصل مع المسلمين من مختلف أنحاء العالم، وتبادل الخبرات والمعارف.
ثانياً:- كم مرة يحج الانسان
والحج مرة في العمر، كما قال النبي ﷺ عندما سئل: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: لو قلتها لوجبت،
الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع ، وهذا من تيسير الله أيضًا ومن نعمته العظيمة أن جعلها مرة في العمر؛
لأنه لو كان أكثر من ذلك لكانت المشقة عظيمة بسبب الكلفة الكبيرة بالنسبة للبعيدين عن هذه البقعة المباركة،
ولكن الله بلطفه ورحمته جعل الحج مرة في العمر، ومن زاد فهو تطوع.
وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة
وفي الصحيحين أيضًا عنه ﷺ أنه قال: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ،
وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة.
ثالثاً:- مناسك الحج
يعتبر أداء مناسك الحج من الأمور المهمة والحساسة، ويتطلب التحضير المسبق والتخطيط الدقيق قبل السفر
إلى مكة المكرمة. وفيما يلي سنعرض بعض الخطوات التي يجب اتباعها لأداء مناسك الحج بالشكل الصحيح:
الإحرام:
يبدأ الحاج مناسك الحج بالإحرام، وهو النية والتلبس بالإحرام، ويتم ذلك بالدخول إلى ميقات المحرمين والتلبس بالإحرام،
وهو لباس خاص يتكون من إزار ورداء بيضاء للرجال، وثوب خاص للنساء، ويتم الالتزام ببعض الأحكام الخاصة بالإحرام،
مثل عدم قص الشعرأو الأظافر، وعدم استعمال العطور والصابون والشامبو، وتجنب الجماع الزوجي والمخالطة الجنسية.
الطواف:
يتم الطواف بالكعبة الشريفة، وهو الدوران حول الكعبة سبع مرات، وتبدأ الدورة من الحجر الأسود،
ويتم السير باتجاه الكعبة عكس عقارب الساعة، ويتم الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح خلال الطواف.
السعي:
يتم السعي بين الصفا والمروة، وهو الركض بين الجبلين سبع مرات،
ويتذكر الحاج في هذا الحركة سير السيدة هاجر بين الصفا والمروة بحثاً عن ماء لابنها إسماعيل، ويتم الدعاء والتذكر والتسبيح خلال السعي.
لماذا يسعى المسلمون بين الصفا والمروة:-
السعي بين الصفا والمروة هو أحد مناسك الحج والعمرة، وهو عبارة عن الركض أو المشي بين التلتين الشهيرتين بين المسجد الحرام في مكة المكرمة،
وهما التلتان اللتان ذكرتا في القرآن الكريم بالقول: “إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ” (سورة البقرة، الآية 158).
ويعود سبب السعي بين الصفا والمروة إلى قصة هاجر عليها السلام، زوجة النبي إبراهيم عليه السلام،
عندما فُرِضَ عليها البقاء في وادٍ خالٍ من النبات والماء، وذلك بأمر من الله تعالى، وتركها زوجها بمفردها هناك وذهب في سفر.
فواجهت هاجر عليها السلام مشكلة في الحصول على الماء، فأمرها الله تعالى بالبحث عنه،
فخرجت تركض بين الصفا والمروة بحثًا عن ماءٍ لابنها إسماعيل عليه السلام، وعندما بلغت المروة رأت بعيدًا ماءً
فرفعت يديها إلى السماء وقالت: “اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا قَرَّةً وَجَعَلْنَا مِنْهُ شُكْرَاءَ”، ثم عادت تركض بين الصفا والمروة
حتى وصلت إلى الماء، وأمسكت به وشربت منه وقدمته لابنها. ومنذ ذلك الوقت وركض بين الصفا والمروة أصبح مناسكًا دائمة تؤديها المسلمات والمسلمون في الحج والعمرة.
ويعتبر السعي بين الصفا والمروة من العبادات التي تعكس التواضع والخضوع لله تعالى،
وتحث على البحث عن الحق والصدق والتضحية من أجل تحقيق الأهداف الإيمان والتقوى،
كما يعبر عن الصبر والتحمل والتفاني في سبيل الله تعالى، ويعزز الروابط الإنسانية والأخوية بين المسلمين
من جميع أنحاء العالم، حيث يشارك في هذه المناسك ملايين المسلمين من مختلف الجنسيات
والأعراق والثقافات، ويتوحدون في تعبيرهم عن الإيمان والتقوى والتضحية في سبيل الله تعالى.
وقفة عرفات “ركن الحج الأعظم” :
يقضي الحاج يوم عرفة في الوقوف بجبل عرفات، وهو أحد أهم أركان الحج،
ويتم في هذا اليوم الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى.
نفرة الحجاج الى المزدلفة :
نفرة الحجيج إلى المزدلفة هي إحدى المراحل الهامة في مناسك الحج،
حيث ينتقل الحجاج من مِنـى إلى المزدلفة بعد رمي جمرة العقبة في اليوم الأوّل من أيام التشريق.
عند وصول الحجاج إلى المزدلفة، يقومون بأداء صلاة المغرب والعشاء جمعاً،
ويبيتون في هذا الموقع حتى فجر اليوم التالي، ويُستحب للحجاج التأخير في صلاة العشاء وقصرها، وذلك حتى يتمكن الحجاج من الوصول إلى المزدلفة قبل غروب الشمس.
ويُسْتحَبّ للحجاج أيضاً أن يلتقطوا حصى جمرة العيد من المزدلفة الفاضلة،
وذلك قبل مغادرة المزدلفة، ويجب على الحجاج أن يحتفظوا بهذه الحصى حتى يتم رميها في أيام التشريق.
ويُنصح الحجاج أيضاً بالدعاء والتضرع إلى الله في هذا الموقع، والاستغفار والتوبة من الذنوب والخطايا،
والتفكير في الأمور الروحية والدينية، والتأمل في عظمة الله وقدرته ورحمته،
والتواضع والخشوع والتفاني في العبادة، وذلك لتحقيق الأجر والثواب والمغفرة من الله سبحانه وتعالى.
وبعد أداء مناسك الفجر في المزدلفة، ينتقل الحجاج إلى مِنـى لرمي جمرة العقبة،
ويكملون بذلك مناسك الحج الأساسية. ويمكن للحجاج الذين يريدون مغادرة المزدلفة قبل منتصف الليل أن يفعلوا ذلك، ولا يوجد ضرر في ذلك شرعاً.
رمي الجمرات بالعقبي:
يتم رمي الجمرات بالحصى، وهي تمثل رمي الشيطان، وتتم الرمي في ثلاثة أيام؛ الأول والثاني والثالث من أيام التشريق.
الذبح والحلق:
يتم الذبح والحلق في اليوم العاشر من ذي الحجة، ويتم ذلك بذبح الأضحية
وتقسيمها على الفقراء والمحتاجين، كما يمكن للحاج الحلق برأسه بعد الذبح، وهو تخفيف من الشعر وليس إزالته تمامًا.
الطواف الوداع:
يتم الطواف الوداع قبل مغادرة مكة المكرمة، ويعتبر وداعًا للكعبة والبيت الحرام،
ويتم القيام بسبعة أشواط حول الكعبة قبل المغادرة.
رابعاً:- أنواع الحج المختلفة
التمتع:
وهو أنْ يُحْرِم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج من الميقات، ثُمَّ يفرغ منها ويتحلَّل، ثُمَّ يُحْرِم بالحج منْ مكة في نفس العام.
القِران:
وهو أنْ يُحْرِم الإنسان بالعمرة والحج معًا، أو بالعمرة ثُمَّ يُدْخِلُ عليها نية الحج قبل أنْ يَشرَع في طواف العمرة،
وذلك في أشهر الحج، ولا يتحلَّل بينهما؛ فإذا أحرم الحاجُّ بالتمتع أو القران لزمه أنْ يذبح هَديًا،
فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع لأهله، إلَّا إذا كان منْ أهل مكة فلا شيء عليه؛
لقول الله تعالى ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾
الإفراد:
وهو أنْ يُحْرِم الإنسان بالعمرة في غير أشهر الحج -سواء قبله أو بعده- ويُحْرِم بالحج وحده في نفس العام، ولا هَدْيَ عليه حينئذٍ.
الخاتمة:-
وفي النهاية، يجب على كل مسلم السعي لأداء فريضة الحج إذا كان بمقدوره، والالتزام بعيرة الحج والتعلم من هذه الشعيرة العظيمة،
وتوحيد صفوف المسلمين وتعزيز الإخاء والتآلف بينهم، وتحقيق التواصل مع الله سبحانه وتعالى،
والتطهير الروحي والنفسي، والارتقاء بالمستوى الروحي والعقلي والأخلاقي. فالحج فريضة عظيمة
ومناسكها تحمل الكثير من الفوائد والمصالح العظيمة، وهي فرصة للحاج للتقرب من الله وتحقيق التواصل الروحي،
وتعزيز الروابط بين المسلمين والتوحيد والتضامن بينهم. وعيرة الحج تعد أحد أهم الأحكام التي يجب على الحاج الالتزام بها،
وتحث على الالتزام بالحدود والحرمات والأمانات، وتجنب الذنوب والسلوكيات السيئة.
ولذلك، يجب على كل مسلم الالتزام بأحكام الحج وعيرته، والسعي لأداء هذه الفريضة بالشكل الصحيح والآمن، والاستفادة من فوائدها في الحياة الدنيا والآخرة.