السيرة النبوية

غزوة أحد

في منافسة شديدة بين المسلمين والكفار بين الإيمان والشرك بين الحق والباطل، قرر المشركين مناصبة العداء للمؤمنين وقتلهم ولكن هيهات هيهات، ومن المعارك التي دارت بين هؤلاء الخصمين الكثيرة ” معركة أحد ” وهي إحدى الغزوات هي هذه الغزوة التي كان أولها للمؤمنين ثم آلت أحداثها وشراكها للمشركين بعد ذلك.

• السنة: في 7 شوال، وقيل: 15 منه سنة 3 للهجرة.

• قائد جيش المسلمين: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• عدد جيش المسلمين: 700 مقاتل.

• قائد جيش المشركين: أبو سفيان صخر بن حرب.

• عدد جيش المشركين: 3000 مقاتل.

• مكان المعركة: قرب جبل أُحُد بالمدينة المنورة.

• أسباب المعركة:

قال ابن جرير الطبري: وكان الذي أهاج غزوة أُحد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشركي قريش، وقْعة بدرٍ وقتل مَن قُتِل ببدر من أشراف قريش ورؤسائهم.

لما رجع أبو سفيان سالمًا بِعِيره إلى مكة، وعادت قريش من بدر بالهزيمة، مشى إلى أبي سفيان بعض من أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم ببدر، وكلَّموه أن يستعينوا بهذه الأموال لحرب النَّبي ونيل الثَّأر منه، وخرجَت قريش بجمعها وبمن أطاعها من كنانة وأهل تهامة، وقد اتَّفقوا على حرب النبي صلى الله عليه وسلم.

ثمَّ ساروا حتى نزلوا قريبًا من أُحد، وفي المدينة شاوَر الرسولُ صلى الله عليه وسلم أصحابَه في لقاء العدو، فأشارت طائفة بالخروج للقائهم، وأشارت أخرى بالتحصُّن في المدينة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرى ذلك، إلَّا أن الغالبية كانوا يرون الخروجَ وتَحمَّسوا لذلك؛ فلبس النَّبي صلى الله عليه وسلم لَأْمَتَه بعد أن صلَّى بهم الجمعة وخرج بألف مقاتل، ثمَّ مكر زعيم المنافقين عبدالله بن أُبي بن سلولَ، وعاد من منتصف الطريق بثلاثمائة مقاتل، وقال: عصاني وأطاعهم، وكان من رأيه أن يُقاتِلهم في المدينة، وبقي النَّبي صلى الله عليه وسلم بسبعمائة مقاتل، ونزل الشِّعب من أُحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهرَه وعسكره إلى أُحد، وقال: ((لا يقاتلنَّ أَحد حتى نأمره بالقتال))، وأمَّر على الرماة عبدَالله بن جُبيرٍ، وعددهم خمسُون رجُلًا، فقال: ((انضح عنَّا الخيل بالنَّبل؛ لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا، فاثبت مكانك لا نؤتينَّ من قِبلك))، ولبس عليه الصلاة والسلام درعين في هذه المعركة.

• بدء المعركة:

تَقدَّم حاملُ لواء المشركين طلحة بن عثمان، فقال: يا معشر أصحاب محمد، إنَّكم تزعمون أن الله يُعجِّلنا بسيوفكم إلى النار، ويُعجِّلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحد يعجِّله الله بسيفي إلى الجنة، أو يعجِّلني بسيفه إلى النار؟ فقام إليه عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه وبارزه فقطع رِجلَه، فسقط وانكشفت عورته، فقال طلحة: أَنشُدك الله والرَّحِم يا بن عم، فتركه عليٌّ، فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لعلي: ((ما منعك أن تُجهِز عليه؟))، قال: ناشدني الله والرَّحِم فكففتُ عنه، ثمَّ شدَّ الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود على المشركين فهزماهم، وحمل جيش النبي صلى الله عليه وسلم على جيش أبي سفيان فهزموه، وحمل خالد بن الوليد قائد خيل المشركين على المسلمين فردَّه الرُّماة، وما هي إلا جولة حتى فرَّت قريش ووصل المسلمون إلى قلب عسكرها، ورأى الرُّماة فرارَ جيش المشركين وانتهاب معسكرهم فقالوا: بادروا إلى الغنيمة، فقال بعضهم: لا نترك أمرَ رسول الله، وانطلق عامَّتُهم فلَحِقوا بالعسكر، فلمَّا رأى خالد قلَّةَ الرماة، انعطف بخيله عليهم، وقتَل الرماةَ، ثمَّ مال إلى المسلمين يُقاتِلهم، ولما رأى المشركون خيلَهم تُقاتِل عادوا ودارت الدائرة على المسلمين.

• حوادث في المعركة:

أعطى النَّبي صلى الله عليه وسلم سيفَه لأبي دجانة بحقِّه، وحقُّه أن يضرب به في العدو حتى ينحني.

قال الزبير رضي الله عنه: والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب؛ إذ مالت الرُّماة إلى المعسكر حين كشفنا القوم عنه يريدون النهب، وخلَّوا ظهورنا للخيل، وصرخ صارخٌ ألا إن محمدًا قد قُتل، فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم؛ وهذا دليل على هزيمة المشركين في بَدء المعركة.

♦ وفي هذه المعركة أجهز عليٌّ رضي الله عنه على حملة الألوية من المشركين، وأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من مشركي قريش، فقال لعليٍّ: ((احمل عليهم))، فحمل عليهم وفرَّق جَمعَهم، وقتل منهم عمرو بن عبدالله الجمحي، وأبصر آخرين، فأمره أن يَحمل عليهم، فحمل عليهم وقتل منهم شيبة بن مالك.

♦ وقَتل حمزةُ عددًا من المشركين، وكان يترصَّد له وَحشي ليَجِد منه غِرَّة فيرميه بحربته، وبينما كان حمزة منهمكًا في قتال سباع بن عبدالعزى وأجهز عليه إذا بوحشي يهزُّ حربتَه ويقذفه بها، فتأتي في مكان قاتل، ويحاول حمزة أن يسير إلى وَحشي ليقتله لكنَّه سقط شهيدًا رضي الله عنه.

♦ وفيها أُصيبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فكُسرت رباعيته، وشُجَّ رأسه، وكُلِم في وجنته.

♦ وفيها أقبل أُبي بن خلف على فرسه وهو يَصرُخ: أين محمد؟ لا نجوتُ إن نجا، فقال المسلمون: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منَّا؟ قال: ((دعوه))، فلمَّا دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربةَ من الحارث بن الصمة، ثمَّ استقبله فطعنه في عنقه طعنةً تدحرج منها عن فرسه مرارًا.

وصعد المسلمون الجبلَ مع رسول الله، وأراد المشركون صعودَ الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينبغي لهم أن يَعلونا))، فقام المسلمون ورموهم بالحجارة حتى أنزلوهم، وقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر.

وفيه مَثَّل المشركون بعدد من المسلمين القتلى؛ ومنهم حمزة رضي الله عنه، فجدعوا الأنوف، وقطعوا الآذان، وبقروا البطون، وكان حصيلة القتلى من المسلمين سبعين شهيدًا، وحصيلة القتلى من المشركين اثنين وعشرين قتيلًا.

ونلحظ أن في هذه المعركة، أن أصحاب جبل الرماة، عندما رأوا المسلمين قد أنتصروا ذهبوا إليهم ليتقاسموا معهم الغنائم، بيد أن النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام، قد نهاهم عن النزول من ذلك الجبل إلى أن يأتيهم بخبر منه عليه الصلاة والسلام، ولكن بعد نزولهم إستطاع خالد بن الوليد الإلتفاف من وراء الجبل ومباغتت المسلمين على حين غرة.

السابق
غزوة ذات الرقاع
التالي
الإمام البخاري

اترك تعليقاً