تعد القصص الإسلامية مليئة بالعبر والمواعظ التى يجب أن نأخذ منها كل ماهو مفيد ونأخذه كنهج فى حياتنا
النبي شعيب عليه السلام
النبي شعيب -عليه السلام- هو أحدُ أنبياء الله الذين ذُكروا في القرآن الكريم، وقد آمن شعيب بإبراهيم -عليهما السلام- وارتحل معه، وكان معروفًا عنه البلاغة والفصاحة، حتى أن بعض السلف الصالح أطلقوا عليه لقب خطيب الأنبياء، نظرًا لفصاحة لسانه وبلاغته الكبيرة في دعوة قومه إلى الله تعالى، وقد أرسله الله تعالى إلى أهل مدين، وورد ذلك في قله تعالى: “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ”، وفي هذا المقال سيتم ذكر قصة شعيب -عليه السلام-.
قصة شعيب عليه السلام
أرسلَ الله تعالى النبي شعيب -عليه السلام- إلى أهل مدين، وهم من العرب، الذين كانوا يعبدون الأيكة، وبلغ من كفرهم وضلالهم أنهم يعبدون البناتات والأشجار، وكانوا يُنقصون الميزان والمكيال، ولا يُؤتون الناس حقوقهم، فدعاهم شعيب -عليه السلام- إلى عبادة الله تعلى وحده، كما دعاهم إلى التعامل بالعدل، وعدم بخس الناس أشياءهم، وقد أيّد الله نبيه شعيب -عليه السلام- بالمعجزات، وذكّرهم بفضل الله عليهم الذي أغناهم بعد الفقر، وكثر عددهم بعد أن كانوا قلة، كما حذرهم شعيب من مصير الأمم السابقة، ودعاهم إلى التراجع عن الكفر والظلم، وأن يفتحوا صفحة جديدة مع الله تعالى، لكنهم لم يستجيبوا له أبدًا، واستمروا في عبادة الأشجار وتطفيف الكيل، وكانوا يقطعون طرق القوافل ويظلمون الناس، ويغشّون البضائع، لكن قوم شعيب لم يستجيبوا لدعوته أبدًا، واستمروا بالانحراف عن دين الحق، وقابلوا دعوته بالاستهزاء والتكذيب.
ورغم استمرارهم في العناد والتكذيب، بقي شعيب -عليه السلام- ثابتًا في دعوته، وواثقًا من أمر الله، ولم يؤمن منهم إلا نفرٌ قليل فقط، فهددوهم بالطرد من مدينتهم، أو أن يعودوا إلى كفرهم، وفي هذا قوله تعالى: “قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا”، وما كان من شعيب -عليه السلام- إلا أن يثبت على الحق، ويدافع عن نفسه وعن المؤمنين معه، فاتجه شعيب إلى الله تعالى بالدعاء لله تعالى أن يفصل بينه وبين القوم الظالمين، فاستجاب الله دعاءه، فآزره بالنصر وابتلى الكافرين بالحرّ الشديد، ولم يكن يروي ظمأهم لا ظلال ولا ماء، ففروا من قدر الله إلى قدر الله، هاربين من ديارهم، ففروا تحت سحابة كي تقيهم من حرارة الشمس، حتى إذا اكتمل تجمعهم رمتهم هذه السحابة بشرر وجاءتهم رجفة من الأرض وصيحة من السماء، فأزهقت أرواحهم وهلكوا، إذ يقول الله تعالى: “وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا”، وعندما رأى شعيب -عليه السلام- ما حل بقومه حزن عليهم لكن تذكر كفرهم وظلمهم ففف هذا عنه.
مضامين قصة شعيب عليه السلام
قصة شعيب -عليه السلام- مثل قصص الأنبياء -عليهم السلام- الذين أرسلهم الله تعالى كلٌ برسالته ليبلغوا دين الحق إلى أقوامهم، وقد قصّ الله في القرآن الكريم قصصهم لأخذ العبر منها، وتتضمّن قصة شعيب -عليه السلام- العديد من المواعظ والعبر التي يجب فهمها وإدراك معناها العظيم للاستفادة منها، ومن أهم مضامينها ما يأتي: 5)
- تتضمن درسًا مهمًا وهو أنّ العناد والكبر ورفض الحق لا ينفع صاحبه أبدًا، لأن الله تعالى ينصر دينه مهما طال الأمد.
- تتضمن موعظة كبيرة، وهي أنّ عاقبة الغش والكفر هي الهلاك الأكيد والعذاب المقيم، وأن من كان على الحق هو الأكثر قوة حتى لو كان عددهم قليلًا، إذ نصر الله القلة المؤمنة وأهلك الكثرة الكافرة.
- أنّ المؤمن لا يحزن لأجل الكفار حتى وإن كانوا أقرباء وأنسباء وبينهم رابطة دم، بل من يعصي الله ورسوله يجب أن يلقى جزاءه وألّا يكون تجاهه عاطفة، وهذا ما علّمه الله لشعيب حين حزن على قومه عندما هلكوا، لكن الله ذكره بكفرهم وظلمهم فاستراح قلبه.
مواضع ذكر شعيب عليه السلام في القرآن
ذُكر شعيب -عليه السلام في القرآن الكريم عشر مرات في مواضع مختلفة، حيث ذكره عدة مرات في سورة الأعراف وفي سورة هود وسورة الشعراء وسورة العنكبوت في الآيات الآتية:
- “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ”
- “قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ”
- “وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ”
- “الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ”
- “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ”
- “قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ”
- “قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ”
- “وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ”
- “إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ”
- “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ