الرسول صلي الله عليه وسلم هو خاتم الرسل وهو ما نتبع سنته وعند وفاته ترك لنا وصايا يجب ان نتبعها
النبي عليه الصلاة والسلام
هو خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب، ويَرجع نسب النبي إلى عدنان الذي هو من ولد إسماعيل عليه السلام، كُنيته أبا القاسم، وأمه آمنة، ووُلد يوم الاثنين، الموافق الثاني عشر، من ربيع الأول، من عام الفيل، وقد وُلد يتيم الأب، فقد مات أبوه قبل ولادته، وأرضعته ثويبة مولاة أبي لهب عدة أيامٍ، وبعدها أرضعته حليمة السعدية، ومكث عندها إلى السنة الرابعة، وعندما بلغ السادسة من العمر توفيت أمه، فأصبح يتيم الأم والأب، وكَفِله جده عبد المطلب، ولمّا بلغ الثامنة من العمر توفي جده، وانتقل إلى كفالة عمّه أبي طالب، الذي أحسن رعايته، ونصره، وآزره حتى آخر أيام حياته، وفي فترة الشباب كان معروفاً بحُسن خلقه فلقّبته قريش بالصادق الأمين، وتزوّج من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وأنجبت له كلّ أولاده إلّا إبراهيم، ولما بلغ الأربعين من عمره نزل عليه الوحي، وأبلغه الرسالة، فأخذ يدعو إلى الإسلام في مكّة ثلاث عشرة سنةً، فاتّبعه عددٌ قليلٌ من الرجال والنساء، الذين تعرّضوا لشتى أنواع الأذى من قِبَل كفار قريش، وصبروا على ذلك حتى هاجروا إلى المدينة المنورة، حيث مكّن الله -تعالى- لهم، وانتشر الإسلام في أرجاء الأرض.[١]
وصايا النبي قبل وفاته
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- شديد الحرص على أُمته، فقد كان أمر المسلمين يشغل فكره في كلّ وقتٍ، حتى في أصعب الظروف والمواقف، فعندما دخل النبي -عليه الصلاة والسلام- في مرض الموت، واشتدّ عليه الأمر، أوصى أمته بعددٍ من الوصايا، ومنها:[٢]
- إخراج المشركين من جزيرة العرب وإجازة الوفود: بعد أن اشتدّ الوجع برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وشعر بدنوّ الأجل، حتى كان يُغشى عليه في اليوم عدّة مراتٍ، أراد أن يكتب لأمته كتاباً تفصيلياً تجنّباً للخلاف فيما بينهم بعد وفاته، وليحذّرهم من الفتنة والضلال، ولكن عندما حدث خلافٌ بين من كانوا حوله، رجع عن الأمر، ووصّى الأمة بوصايا، كان منها: إخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفود بمثل ما كان يجيزها هو، مصداقاً لما رُوي عنه، أنّه قال: (أخرِجوا المشرِكينَ من جزيرة العرب، وأجيزوا الوَفدَ بِنحو ما كنتُ أُجيزُهم).[٣]
- الإحسان للأنصار: كان الأنصار من أشدّ الناس حباً لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا بلغهم مرضه، اجتمعوا في أحد مجالسهم، يبكون حزناً واشتياقاً لرؤيته، فمرّ بهم العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، فقال لهم: (ما يُبكيكم؟)، قالوا: (ذكرنا مجلس النبي -صلّى الله عليه وسلّم- منّا)، فتوجّه العباس -رضي الله عنه- إلى النبي، وأخبره بذلك، فخرج إلى المسجد عاصباً رأسه بعصابةٍ سوداء، ثمّ صعد المنبر، وكانت آخر مرةٍ يصعد فيها المنبر، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، ثمّ قال: (أوصيكم بالأنصارِ، فإنهم كَرِشي وعَيبَتي، وقد قَضَوا الذي عليهم وبَقيَ الذي لهم، فاقبَلوا من مُحسِنِهم وتجاوَزوا عن مُسيئِهم).[٤]
- انتهاء مبشّرات النبوة إلّا الرؤيا: روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كشف الستار وهو معصوب الرأس في مرض موته، وقال: (اللَّهمَّ قد بلَّغتُ ـ ثلاثَ مرَّاتٍـ إنَّهُ لم يبقَ من مبشِّراتِ النُّبوَّةِ إلَّا الرُّؤيا الصَّالحةُ يراها العبدُ أو ترى لَه، ألا وإنِّي قد نُهيتُ عنِ القراءةِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ، فإذا رَكعتُم فعظِّموا ربَّكم وإذا سجدتُم فاجتَهدوا في الدُّعاءِ فإنَّهُ قمنٌ أن يستجابَ لَكم).[٥]
- إحسان الظن بالله: فقد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنّه سمع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قبل وفاته بثلاثة أيامٍ، وهو يقول: (لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ الظنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ).[٦]
- التحذير من اتخاذ قبره مسجداً: فكان من أواخر وصايا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، التحذير من اتخاذ قبره للصلاة، حيث قال: (قاتَلَ اللهُ اليهودَ و النَّصارَى اتَّخذُوا قُبورَ أنْبيائِهِمْ مَساجِدَ، لا يَبْقَيَنِّ دِينانِ بِأرْضِ العَرَبِ).[٧]
- المحافظة على الصلاة: أخبر أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ آخر كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان: (الصَّلاةَ وما ملكت أيمانُكم، الصَّلاةَ وما مَلَكت أيمانُكم)،[٨] حتى أخذ يغرغر بها صدره، ولا يفيض بها لسانه.
وصايا النبي في حجة الوداع
أجمل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- القواعد الأساسية لبناء الأمة إلإسلامية على شكل نصائح، وجّهها لصحابته -رضي الله عنهم- خلال خطبته في حجة الوداع، وفيما يأتي بيان بعضها:[٩]
- دستور الأمة الإسلامية القرآن والسنة: وصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الأمة من بعده بالتمسّك بكتاب الله، وسنته، ووعدهم بالهدى واجتناب الضلال طالما اعتصموا به، حيث قال: (إنّي قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتُم به فلن تَضِلُّوا أبداً، كتابَ اللهِ، وسُنَّةَ نبيِّه)،[١٠] كيف لا والقرآن الكريم كلام الله -تعالى- الذي أنزله ليكون منهاجاً للبشر، فلا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وقد صاغه المولى -عزّ وجلّ- ليتناسب مع كلّ مكانٍ وزمانٍ، وتحت أي ظرفٍ، وما ترك من صغيرةٍ ولا كبيرةٍ إلّا وشملها.
- الوحدة والمساوة بين المسلمين: حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ألا إن المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفس)،[١١] ويرجع السبب في اهتمام النبي بالوحدة والمساواة إلى أنّ قيام الأمة، وتحقيق معيّة الله عزّ وجلّ، ونزول نصره لا يتم إلّا بها، وقد زرع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هذه المبادئ في نفوس المسلمين منذ اليوم الأول من دعوته في مكة، حيث كان يأمرهم بعتق العبيد، وعند الهجرة إلى المدينة المنورة آخى بين المهاجرين والأنصار، وكتب الميثاق بين الأوس والخزرج.