فى هذا الموضوع نتعرف على سورة الكهف ونتعرف على مضامين قصة صاحب الجنتين
سورة الكهف من السُّور المكية، وهي السُّورَة الثامنة عشرة بحسب ترتيبها في المصحف الشريف، وعدد آياتها مئة وعشر آيات، وهي من السُّور التي نزلت جملة واحدة، ومما ورد في فضلهاقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: “من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِمَ من الدجال”، [١] وقد تضمّنت عدة قصص؛ حيث ابتدأت بقصة أهل الكهف، ثم ذكرت قصة صاحب الجنتين، وأشارت إلى قصة آدم -عليه الصّلاة والسّلام- وإبليس، وتحدّثت عن قصة موسى-عليه الصّلاة والسّلام- مع العبد الصالح، وقصة ذي القرنين [٢]، وفيما يأتي تعريف موجز بقصة صاحب الجنتين وببعض ما يُستفاد منها من عِبَر وعظات.
قصة صاحب الجنتين
تدور أحداث قصة صاحب الجنتين حول رجلين، جعل الله -سبحانه وتعالى- لأحدهما جنتين عظيمتين جميلتين من أعناب، والأعناب محاطة بالنخيل، وكان الزرع ينبت بين الأشجار، وقد فجر الله بينهما نهرًا، وأمرهما فأنتجتا كلّ ما فيهما، من ثمار يانعة ناضجة، في منظرٍ في غاية الحُسن والبهاء. قال تعالى: “وَاضرِب لَهُم مَثَلًا رَجُلَينِ جَعَلنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَينِ مِن أَعنابٍ وَحَفَفناهُما بِنَخلٍ وَجَعَلنا بَينَهُما زَرعًا ،كِلتَا الجَنَّتَينِ آتَت أُكُلَها وَلَم تَظلِم مِنهُ شَيئًا وَفَجَّرنا خِلالَهُما نَهَرًا”. [٣]
أما الرجل الآخر فهو رجل فقير، لا يملك شيئًا من متاع الدنيا، ولكنه مؤمن بالله -سبحانه وتعالى-، وقد جرى حوار بينه وبين صاحب البُسْتانين، الذي قال له في تكبرٍ وازدراء، مغترًا بماله ومفتخرًا بجاهه: أنا أكثر منك مالًا وأعز نفرًا، ودخل جنته وهو يقول: ما أظن أن تبيد هذه أبدًا، وما أظنُّ الساعة قائمة، ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرًا منها منقلبًا، فما كان من الرجل المؤمن إلا أن ذَكَّرَه بخالقه، وحذره من الكفر وعاقبته، وأرشده إلى شكر المُنْعم على النعمة، وعدم الاغترار بالمظاهر الزائلة، وعدم التكبر، وحذره من نزع النعمة عنه؛ بسبب جحوده وكفره وتكبره.
ولكنّ صاحب الجنتين لم يتّعظْ بكلام صاحبه المؤمن، بل أصَرَّ على كفره، واستكباره، وجحوده، وغروره؛ فَعَاقَبَه الله- سبحانه وتعالى- بزوال النعمة؛ إذ أرسل صاعقة دمّرت ما في جنتيه، قال تعالى: “فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكثَرُ مِنكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا، وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَن تَبيدَ هـذِهِ أَبَدً ، وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِن رُدِدتُ إِلى رَبّي لَأَجِدَنَّ خَيرًا مِنها مُنقَلَبًا ، قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا، لـكِنّا هُوَ اللَّـهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا، وَلَولا إِذ دَخَلتَ جَنَّتَكَ قُلتَ ما شاءَ اللَّـهُ لا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّـهِ إِن تَرَنِ أَنا أَقَلَّ مِنكَ مالًا وَوَلَدًا، فَعَسى رَبّي أَن يُؤتِيَنِ خَيرًا مِن جَنَّتِكَ وَيُرسِلَ عَلَيها حُسبانًا مِنَ السَّماءِ فَتُصبِحَ صَعيدًا زَلَقًا، أَو يُصبِحَ ماؤُها غَورًا فَلَن تَستَطيعَ لَهُ طَلَبًا، وَأُحيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيهِ عَلى ما أَنفَقَ فيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُروشِها وَيَقولُ يا لَيتَني لَم أُشرِك بِرَبّي أَحَدًا” ، [٤]، [٥]
مضامين قصة صاحب الجنتين
قدّمت قصة صاحب الجنتين نموذجين مختلفين من النّاس، أحدهما نموذج الرجل الكافر، الذي وهبه الله بستانين جميلين، فاغترّ بهما وجحد وتكبر، ونسي الله واليوم الآخر، والآخر نموذج الرجل المؤمن الفقير، الذي لم تخدعه المظاهر رغم فقره، ولم يضعف أمامها، ولم يغترّ بمتاع الدنيا الزائل، وقد تضمنت قصة صاحب الجنتين فوائد كثيرة، منها: أن كلّ شيء بيد الله؛ فهو المنعم المتفضل على عباده، وأن عاقبة الكفر والتكبر والغرور وخيمة، وخُتِمَت ببيان حقيقة الحياة الدنيا، وأنّ الأعمال الصالحة خير عند الله ثوابًا، وخير أملًا، قال تعالى: “وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ مُقتَدِرًا ﴿٤٥﴾ المالُ وَالبَنونَ زينَةُ الحَياةِ الدُّنيا وَالباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيرٌ أَمَلًا”. [٦]، [٧]، [٨]
مواضع ذكر قصة صاحب الجنتين في القرآن
وردت قصّةُ صاحب الجنتين في سورة الكهف، في قوله تعالى: “وَاضرِب لَهُم مَثَلًا رَجُلَينِ جَعَلنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَينِ مِن أَعنابٍ وَحَفَفناهُما بِنَخلٍ وَجَعَلنا بَينَهُما زَرعًا ،كِلتَا الجَنَّتَينِ آتَت أُكُلَها وَلَم تَظلِم مِنهُ شَيئًا وَفَجَّرنا خِلالَهُما نَهَرًا، وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكثَرُ مِنكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا، وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَن تَبيدَ هـذِهِ أَبَدًا، وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِن رُدِدتُ إِلى رَبّي لَأَجِدَنَّ خَيرًا مِنها مُنقَلَبًا، قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا، لـكِنّا هُوَ اللَّـهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا، وَلَولا إِذ دَخَلتَ جَنَّتَكَ قُلتَ ما شاءَ اللَّـهُ لا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّـهِ إِن تَرَنِ أَنا أَقَلَّ مِنكَ مالًا وَوَلَدًا، فَعَسى رَبّي أَن يُؤتِيَنِ خَيرًا مِن جَنَّتِكَ وَيُرسِلَ عَلَيها حُسبانًا مِنَ السَّماءِ فَتُصبِحَ صَعيدًا زَلَقًا، أَو يُصبِحَ ماؤُها غَورًا فَلَن تَستَطيعَ لَهُ طَلَبًا، وَأُحيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيهِ عَلى ما أَنفَقَ فيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُروشِها وَيَقولُ يا لَيتَني لَم أُشرِك بِرَبّي أَحَدًا، وَلَم تَكُن لَهُ فِئَةٌ يَنصُرونَهُ مِن دونِ اللَّـهِ وَما كانَ مُنتَصِرًا، هُنالِكَ الوَلايَةُ لِلَّـهِ الحَقِّ هُوَ خَيرٌ ثَوابًا وَخَيرٌ عُقبًا، وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ مُقتَدِرًا، المالُ وَالبَنونَ زينَةُ الحَياةِ الدُّنيا وَالباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيرٌ أَمَلًا”. [٩]