نبذه عن ابو طيب المتنبي هو الشاعر العربي أحمدُ بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، ولد في الكوفة عام 303 هجرية، وينسب لقبيلة كندة، لأنّه ولد عند تلك القبيلة، وقد كان عالم بمفردات اللغة وقواعدها وأساليبها، متمكنًا فنها، كان ممن قاد عنان اللغة، وعاش احسن وأفضل أيّام حياته، وفترة مجده عند سيف الدولة الحمداني، الذي كان دائمًا يمدحه وآباؤه بقصائده، ويوصف بأنّه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وظلّ شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء.
تأثر كثيرًا بشعر أبي النواس، وابن الرومي، وخاصةً شعر أبو تمام، وتلميذه البحتري، فقد قام بدراستهم بعناية، لم يستقر أبو الطيب المتنبي في الكوفة فقط، فقد أدرك أنّ خروجه خارجها سيزيد من قوته وسيضفي على شعره ألوانًاً وأطيافًاً مختلفة، وسيطلق له العنان، فآفاق العالم أكبر من آفاق الكوفة، فخرج مع والده إلى بغداد، وفيها حضر حلقات اللغة والأدب وهو ابن الرابعة عشر، واحترف الشعر، وأخذ يمدح رجال الكوفة وبغداد، وبعد سنةٍ كاملةٍ خرج منها مع والده إلى الشام، فتخالط مع القبائل والزعماء وأخذ يمدحهم وينظم فيهم الأشعار، وتنقل بين دمشق وطرابلس واللاذقية، ثم خالط الأعراب، ممّا نمّى موهبته الشعرية، وجعله يكتسب الألفاظ الجزلة والقوية، وقوة المعاني أيضًا.
قصة اللقب
يقال أنّ أبيه كان قد سماه أحمد ولقبه بأبي الطيب، أمّا أمه فقد ماتت وهو ما يزال طفلَا، فربته جدته لأمّه، وقد دس الحاقدون والحاسدون في نسبه الدسائس، وتضاربت الأقوال، وقد عاش الحرمان والتنقل من الشام إلى العراق، فلا تجد في شعر مدح لأبيه أو حتى ذكر له، وهناك من يدعي أنّه قد ادّعى النبوة في مطلع شبابه، وقد سجن على إثر هذا، واصطدمت آماله في جدار السجن السميك، وأخذ يالبحث عن فارس قوي يتخذ منه مساعدًا لتحقيق طموحاته، وقد اكتسب لقبه من هذه الحادثة.
يرى أبو العلاء المعري في كتابه (معجز أحمد) أنّ المتنبي لقب بهذا من النبوة، وھي المكان المرتفع منالأرض، كناية عن رفعته في الشعر. لا عن ادّعائه النبوة· نسب إلى أبو سالم بن شبلي الرقايقي (جبرين).
المتنبي وسيف الدولة الحمداني
ظل أبو الطيب المتنبي يتنقل بين الأمراء والولاة؛ بحثًا عن أرضٍ وفارسٍ قويٍ يحقق له طموحاته، حتّى حط رحاله في أنطاكية، واتّصل بسيف الدولة الحمداني، وعرض عليه أن يقدم له قصيدة مدح بشرط ألا يقف أمامه كعادة الشعراء، فأجاز له ذلك، وقد كان المتنبي والحمداني متقاربين في العمر، وأخذ سيف الدولة يفيض على قصائد المتني بالجوائز والعطايا، وقد حظي بمرتبة خاصة عالية، ولكن الحاسدون لم يرق لهم هذا، فأخذوا يصطنعوا الأكاذيب، ويسعون إلى تكبير المسافة بين المتنبي وسيف الدولة حتى تحقق لهم ما أرادوا، وكثرت مشاكله مع الحاشية، وظلت الشكاوي ترد على الأمير، وتتسع الفجوة بينهما، إلى أن اعتدى ابن خالويه عليه بحضور سيف الدولة حيث رمى دواة الحبر على المتنبي في بلاط سيف الدولة، فلم ينتصف له سيف الدولة، ولم يثأر له الأمير، وأحس بجرح لكرامته، وترك سيف الحمداني ثأرًا لكرامته وجرح كرامته منعه من العودة.