ونهداكِ، حُضنكِ، كَشْحك
من حجرٍ، ولثَغركِ مذاق الغبار،
لثغركِ مذاق زمنٍ مسموم،
ولجسدكِ مذاق بئر بلا غَور،
رواق مرايا تعكس
عينَي الصديان، رواقٌ
يعود دائمًا إلى نقطة انطلاقه،
وأنتِ تقودينني، أنا الأعمى، بيدك،
عبر أروقةٍ مستمرّة
نحو مركز الدائرة وتنتصبين
كبريقٍ يتجمّد فأسًا،
كضياءٍ ساحج، باهرٍ
كالمقصلة، في عيني المحكوم عليه،
مَرنٍ كالسوط، رشيقٍ
كسلاحٍ توأمِ القمر،
وكلماتُك المسنونة تحفر
صدري، تعرّيني منّي، تفرّغني،
تنتزعين ذكرياتي واحدةً واحدة،
نسيت اسمي، وأصدقائي
ينخرون بين الخنازير أو يتلفون
مأكلاً للشمس في وادٍ،
.
لا شيء فيَّ سوى جرحٍ وسيع،
تجويفٍ لا يجوزه أحد،
حضورٍ بلا نافذة، فكر
يعود، يتكرّر، ينعكس
ويضيع في شفّافيته بالذات،
وَعْيٍ تثقبه عينٌ
تنظر إلى نظرتها ذاتها حتى تمّحي
من الصفاء:
شاهدتُ قِشرتك الشنيعة
ميلوسينا، تتلألأ خضراء عند الفجر،
كنتِ ترقدين ملتفّةً بالأغطية،
وعند إيقاظكِ صرختِ كطائر
وسقطتِ بلا انتهاء، محطّمةً وبيضاء،
لم يبقَ منكِ شيءٌ سوى صرختك
وبعد قرونٍ ينكشف لي
مع السعال وضعف النظر، وأنا أُقلّب
مجموعة صُوَرٍ قديمة:
أن لا أحد موجودًا، أنك لست أحدًا،
ثمة كومة رماد ومكنسة،
مديةٌ مثلّمة ومنفضة ريش،
جِلدٌ ملصَقٌ على عظام،
عنقودٌ جافٌّ من زمنٍ، ثقبٌ أسود
وفي قلب هذا الثَقب عينا طفلٍ
غريقٍ من ألف عام،