علاقة البكاء على الميت وعذابه
بكاء أهل الميت وتأثيره على الميت
دموع أهل الميت حرام أم حلال
نهانا الرسول الكريم عن البكاء على الميت بشدة ونهانا عن أفعال الجاهلية في التعبير عن الحزن ما سبب هذا النهي.
الموت في الإسلام
أن يموتَ الإنسان في الإسلام يعني أن يغادر هذه الحياة الدنيا، ويدخل في عالم جديد،
عالمٍ يجهل الأحياء حتَّى يموتوا، وهو عالم البرزخ، العالم الذي يعيش فيه الإنسان الفترة الممتدة
بين الموت والبعث يوم القيامة، وبالموت تتوقف حواس الإنسان ويتوقف قلبه فتختفي حركاته
وتنتهي مشاعره، وقد خلق الله -سبحانه وتعالى- الموت موعظة للناس، فما من أحد خالد في هذه الحياة،
وكلُّ إنسان مهما تجبَّر أو تكبَّر سيكسره الموت في لحظة، وهذا المقال سيتناول الإجابة عن السؤال: هل الميت يشعر بمن يبكي عليه إضافة إلى الحديث عذاب الميت ببكاء أهله.
هل الميت يشعر بمن يبكي عليه
وردت في السنة النبوية الشريفة وفي القرآن الكريم كثير من الأحاديث والآيات التي تجيب عن سؤال: هل الميت يشعر بمن يبكي عليه وقد وردَ في الحديث الصحيح أن الميت يسمع الأحياء، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “إن العبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِه، وتولى عنه أصحابَه، وإنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم”. 1)
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لمَّا ورَد بدرًا أومَأ فيها إلى الأرضِ، فقال: هذا مَصرَعُ فلانٍ وهذا مَصرَعُ فلانٍ، فواللهِ ما أماط واحدٌ منهم عن مَصرَعِه وترَك قَتْلى بدرٍ ثلاثًا ثمَّ أتاهم فقام عليهم، فقال: يا أبا جهلِ بنَ هشامٍ يا أُميَّةُ بنَ خلفٍ يا عُتبةُ بنَ ربيعةَ يا شيبةُ بنَ ربيعةَ، أليس قد وجَدْتُم ما وعَد ربُّكم حقًّا، فإنِّي وجَدْتُ ما وعَد ربِّي حقًّا؟ قال: فسمِع عُمَرُ قولَ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال: يا رسولَ اللهِ كيف يسمَعونَ قولَك أو يُجيبونَ وقد جَيَّفوا؟ فقال: والَّذي نفسي بيدِه ما أنتم بأسمَعَ لِما أقولُ منهم ولكنَّهم لا يقدِرونَ أنْ يُجيبوا، ثمَّ أمَر بهم فسُحِبوا فأُلقُوا في قَليبِ بدرٍ”. 2) 3)
أمَّا فيما يتعلق الإجابة عن سؤال: هل الميت يشعر بمن يبكي عليه، فقد ورد عن السلف أن الميت يشعر بمن يزوره ويبكي عليه، والدليل الأقرب على هذا القول هو قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث الذي روته السيدةعائشة: “كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يخرج من آخر الليلِ إلى البقيعِ، فيقول: السَّلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، وأتاكم ما تُوعدون غدًا، مُؤجَّلون، وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، اللهمَّ! اغفِرْ لأهلِ بقيعِ الغَرْقدِ” 4) 5)
هل يعذب الميت ببكاء أهله
بعد الحديث عن شعور الميت بمن حوله، سيتم الحديث عن عذاب الميت ببكاء أهله، فهل يعذب الميت ببكاء أهله عليه، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف الذي رواه عمر بن الطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله قال: “إنَّ الميتَ يعذَّبُ ببعضِ بكاءِ أهلِه عليه” 6)، وفي الحديث دليل واضح على أنَّ الإنسان يعذب ببكاء أهله عليه.
وقد وردَ أيضًا عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّه قال: “فلمَّا مات عمرُ -رضيَ اللهُ عنهُ- ذكرتُ ذلكَ لعائشةَ -رضيَ اللهُ عنها- فقالت: رحمَ اللهُ عمرَ، واللهِ ما حدَّثَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إنَّ اللهَ ليُعَذِّبُ المؤمنَ ببكاءِ أهلِهِ عليهِ، ولكنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: إنَّ اللهَ ليَزِيدُ الكافرَ عذابًا ببكاءِ أهلِهِ عليهِ، وقالت: حَسْبُكُمُ القرآنُ: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى” 7)، والله أعلى وأعلم 8)